الإنجيل الذي أنزله الله على عيسى.
فوقع في قلوبهما، وتابعاه، فأسلما.
وقال لهما: إن ذبيحة قومكما عليكما حرام. فلم يزالا معه كذلك يتعلمان منه.
ثم اتفق أن كان للملك عيد، فجعل طعاما، ودعى إليه الأشراف، فأبى ابن الملك أن يحضر الوليمة، فدعاه أبوه فقال له: ما أمرك هذا؟
قال: إنا لا نأكل من ذبائحكم، إنكم كفار لا تحل ذبائحكم.
قال له الملك: من أمرك بهذا؟ فأخبره أن الراهب أمر بذلك.
فدعا الراهب فقال: ماذا يقول ابني؟
قال: صدق ابنك.
قال له: لولا أن الدم فينا عظيم لقتلتك، ولكن اخرج من أرضنا. فأجله أجلا.
قال سلمان: فقمنا نبكي عليه، فقال لهما: إن كنتما صادقين فأنا في بيعة في الموصل، مع ستين رجلا نعبد الله فيها، فأتونا فيها، فخرج الراهب، وبقي سلمان وابن الملك، فجعل يقول لابن الملك: إنطلق بنا، وابن الملك يقول: نعم.
وجعل ابن الملك يبيع متاعه يريد الجهاز. فلما أبطأ على سلمان، خرج سلمان حتى أتاهم، فنزل على صاحبه، وهو رب البيعة، وكان أهل تلك البيعة من أفضل الرهبان. فكان سلمان معهم يجتهد في العبادة ويتعب نفسه.
قال له الشيخ يوما: إنك غلام حدث، تتكلف من العبادة ما لا تطيق، وأنا خائف أن تفتر وتعجز، فارفق بنفسك، وخفف عليها.
قال له سلمان: أرأيت الذي تأمرني به أهو أفضل أو الذي أصنع؟
قال: بل الذي تصنع.
قال: فخل عني، ثم إن صاحب البيعة دعاه، فقال: إني رجل أضعف عن عبادة هؤلاء، وأنا أريد أن أتحول من هذه البيعة إلى بيعة أخرى هم أهون عبادة من هؤلاء، فإن شئت أن تقيمها هنا فأقم، وإن شئت أن تنطلق معي فانطلق.