" انما ضرب الله المثل بالبعوضة لان البعوضة على صغر حجمها خلق الله فيها جميع ما خلق في الفيل مع كبره وزيادة عضوين آخرين فأراد الله سبحانه أن ينبه بذلك المؤمنين على لطف (لطيف) خلقه وعجيب صنعته " (1).
يريد الله سبحانه بهذا المثال أن يبين للمؤمنين دقة الصنع في الخلق، التفكير في هذا الموجود الضعيف على الظاهر، والشبيه بالفيل في الواقع، يبين للإنسان عظمة الخالق.
خرطوم هذا الحيوان الصغير يشبه خرطوم الفيل، أجوف، ذو فتحة دقيقة جدا، وله قوة ماصة تسحب الدم.
منح الله هذا الحيوان قوة هضم وتمثيل ودفع، كما منحه أطرافا وأذنا وأجنحة تتناسب تماما مع وضع معيشته. هذه الحشرة تتمتع بحساسية تشعر فيها بالخطر بسرعة فائقة وتفر عندما يداهمها عدو بمهارة عجيبة، وهي مع صغرها وضعفها يعجز عن دفعها كبار الحيوانات.
أمير المؤمنين علي (عليه السلام) يقول في هذا الصدد:
" كيف ولو اجتمع جميع حيوانها من طيرها وبهائمها وما كان من مرحها وسائمها، وأصناف أسناخها وأجناسها، ومتبلدة أممها وأكياسها، على إحداث بعوضة ما قدرت على إحداثها، ولا عرفت كيف السبيل إلى إيجادها، ولتحيرت عقولها في علم ذلك وتاهت، وعجزت قواها وتناهت، ورجعت خاسئة حسيرة، عارفة بأنها مقهورة، مقرة بالعجز عن إنشائها، مذعنة بالضعف عن إفنائها " (2).
3 3 - هداية الله وإضلاله:
ظاهر عبارة الآية المذكورة يوحي بأن الهداية والضلال جبريان ومرتبطان