ثم اختلفوا فقيل: أولو العزم من الرسل من أتى بشريعة مستأنفة نسخت شريعة من تقدمه، وهم خمسة: أولهم نوح، ثم إبراهيم، ثم موسى، ثم عيسى، ثم محمد (ص)، عن ابن عباس وقتادة، وهو المروي عن أبي جعفر، وأبي عبد الله (ع) قال: وهم سادة النبيين، وعليهم دارت رحا المرسلين. وقيل هم ستة: نوح صبر على أذى قومه، وإبراهيم صبر على النار، وإسحاق صبر على الذبح، ويعقوب صبر على فقد الولد، وذهاب البصر، ويوسف صبر في البئر والسجن، وأيوب صبر على الضر والبلوى، عن مقاتل. وقيل: هم الذين أمروا بالجهاد والقتال، وأظهروا المكاشفة، وجاهدوا في الدين، عن السدي والكلبي.
وقيل: هم إبراهيم وهود ونوح ورابعهم محمد (ص)، عن أبي العالية. والعزم: هو الوجوب والحتم. وأولو العزم من الرسل هم الذين شرعوا الشرائع، وأوجبوا على الناس الأخذ بها، والانقطاع عن غيرها.
(ولا تستعجل لهم) أي ولا تستعجل لهم العذاب، فإنه كائن واقع بهم عن قريب، وما هو كائن فكأن قد كان وقع (كأنهم يوم يرون ما يوعدون) أي من العذاب في الآخرة (لم يلبثوا) في الدنيا (إلا ساعة من نهار) أي إذا عاينوا العذاب، صار طول لبثهم في الدنيا والبرزخ، كأنه ساعة من نهار، لأن ما مضى كأن لم يكن، وإن كان طويلا، وتم الكلام. ثم قال: (بلاغ) أي هذا القرآن وما فيه من البيان، بلاغ من الله إليكم. والبلاغ بمعنى التبليغ. وقيل: معناه ذلك اللبث بلاغ (فهل يهلك إلا القوم الفاسقون) أي لا يقع العذاب إلا بالعاصين الخارجين من أمر الله تعالى.
وقيل: معناه لا يهلك على الله تعالى إلا هالك مشرك، ولى ظهره الاسلام، أو منافق صدق بلسانه، وخالف بعمله، عن قتادة. وقيل: معناه لا يهلك مع رحمة الله وتفضله، إلا القوم الفاسقون، عن الزجاج، قال: وما جاء في الرجاء لرحمة الله، شئ أقوى من هذه الآية.