به) أي بالله (يغفر لكم من ذنوبكم) أي فإنكم إن آمنتم بالله ورسوله، يغفر لكم ذنوبكم (ويجركم) أي ويخلصكم (من عذاب أليم) قال علي بن إبراهيم: فجاؤوا إلى رسول الله (ص) فآمنوا به، وعلمهم رسول الله (ص) شرائع الاسلام، وأنزل الله سبحانه: (قل أوحي إلي أنه استمع نفر من الجن) إلى آخر السورة. وكانوا يفرون إلى رسول الله (ص) في كل وقت. وفي هذا دلالة على أنه كان مبعوثا إلى الجن، كما كان مبعوثا إلى الإنس، ولم يبعث الله نبيا إلى الإنس والجن قبله.
(ومن لا يجب داعي الله فليس بمعجز في الأرض) أي لا يعجز الله فيسبقه ويفوته (وليس له من دونه أولياء) أي أنصار يمنعونه من الله، ويدفعون عنه العذاب إذا نزل بهم. ويجوز أن يكون هذا من كلام الله تعالى ابتداء. ثم قال: (أولئك) يعني الذين لا يجيبون داعي الله (في ضلال مبين) أي عدول عن الحق ظاهر.
ثم قال سبحانه، منبها على قدرته على البعث والإعادة، فقال: (أولم يروا) أي أولم يعلموا (أن الله الذي خلق السماوات والأرض) وأنشأهما (ولم يعي بخلقهن) أي لم يصبه في خلق ذلك إعياء ولا تعب، ولم يعجز عنه. يقال: عيي فلان بأمره إذا لم يهتد له، ولم يقدر عليه. (بقادر) الباء زائدة، وموضعه رفع بأنه خبر إن (على أن يحيي الموتى) أي فخلق السماوات والأرض أعجب من إحياء الموتى.
ثم قال: (بلى) هو قادر عليه (إنه على كل شئ قدير). ثم عقبه بذكر الوعيد فقال: (ويوم يعرض الذين كفروا على النار أليس هذا بالحق) أي يقال لهم على وجه الاحتجاج عليهم: أليس هذا الذي جوزيتم به حق لا ظلم فيه. (قالوا) أي فيقولون (بلى وربنا) اعترفوا بذلك وحلفوا عليه بعد ما كانوا منكرين. (قال فذوقوا العذاب بما كنتم تكفرون) أي بكفركم في الدنيا، وإنكاركم. ثم قال لنبيه (ص): (فاصبر كما صبر أولو العزم من الرسل) أي فاصبر يا محمد على أذى هؤلاء الكفار، وعلى ترك إجابتهم لك، كما صبر الرسل. ومن ههنا لتبيين الجنس كما في قوله: (فاجتنبوا الرجس من الأوثان). وعلى هذا القول، فيكون جميع الأنبياء هم أولو العزم، لأنهم عزموا على أداء الرسالة، وتحمل أعبائها، عن ابن زيد والجبائي وجماعة. وقيل: إن من ههنا للتبعيض، وهو قول أكثر المفسرين، والظاهر في روايات أصحابنا.