الاعراب: أنى في قوله (وأنى يؤفكون): منصوب الموضع. فيجوز أن يكون حالا من يؤفكون. والتقدير: منكرين يؤفكون. ويجوز أن يكون مصدرا تقديره: أي إفك يؤفكون. (ويتخطف الناس من حولهم): جملة في موضع الحال.
المعنى: ثم عجب سبحانه ورسوله والمؤمنون من إيمان المشركين بالباطل مع اعترافهم بأن الله هو الخالق الفاعل، فقال: (ولئن سئلتهم) أي: إن سالت يا محمد هؤلاء المشركين (من خلق السماوات والأرض) أي: من أنشأهما وأخرجهما من العدم إلى الوجود. (وسخر الشمس والقمر) أي: من ذللهما وسيرهما في دورانهما على طريقة واحدة لا تختلف. (ليقولن) في جواب ذلك (الله) الفاعل لذلك، لأنهم كانوا يقولون بحدوث العالم، والنشأة الأولى. (فأنى يؤفكون) أي:
فكيف يصرفون عن عبادته إلى عبادة حجر لا ينفع، ولا يضر.
(الله يبسط الرزق) أي: يوسعه (لمن يشاء من عباده ويقدر له) أي: ويضيق ذلك على قدر ما تقتضيه المصلحة. وإنما خص بذكر الرزق على الهجرة، لئلا يخلفهم عنها خوف العيلة (إن الله بكل شئ عليم) يعلم مصالح عباده فيرزقهم بحسبها (ولئن سئلتهم من نزل من السماء ماء فأحيا به الأرض من بعد موتها ليقولن) في الجواب عن ذلك (الله) (قل) يا محمد عند ذلك (الحمد لله) على كمال قدرته، وتمام نعمته، وعلى ما وفقنا للاعتراف بتوحيده، والإخلاص في عبادته. ثم قال: (بل أكثرهم لا يعقلون) توحيد ربهم مع إقرارهم بأنه خالق الأشياء، ومنزل المطر من السماء، لأنهم لا يتدبرون، وعن الطريق المفضي إلى الحق يعدلون، فكأنهم لا يعقلون. (وما هذه الحياة الدنيا إلا لهو ولعب) لأنها تزول كما يزول اللهو واللعب، ويستمتع بها الانسان مدة، ثم تنصرم وتنقطع.
(وإن الدار الآخرة) يعني الجنة (لهي الحيوان) أي: الحياة على الحقيقة، لأنها الدائمة الباقية التي لا زوال لها، ولا موت فيها. وتقديره: وإن الدار الآخرة لهي دار الحيوان، أو ذات الحيوان، لأن الحيوان مصدر كالنزوان والغليان، فحذف المضاف، وأقيم المضاف إليه مقامه. والمعنى: إن حياة الدار الآخرة هي الحياة التي لا تنغيص فيها، ولا تكدير. (لو كانوا يعلمون) الفرق بين الحياة الفانية، والحياة الباقية الدائمة أي: لو علموا لرغبوا في الباقي، وزهدوا في الفاني، ولكنهم لا يعلمون.