أحييناها بالنبات (وأخرجنا منها حبا) أي: كل حب يتقوتونه مثل الحنطة والشعير والأرز، وغيرها من الحبوب. (فمنه يأكلون) أي: فمن الحب يأكلون (وجعلنا فيها جنات) أي: بساتين (من نخيل وأعناب). وإنما خص النوعين لكثرة أنواعهما، ومنافعهما (وفجرنا فيها من العيون) أي: وفجرنا في تلك الأرض الميتة، وفى تلك الجنات عيونا من الماء، ليسقوا بها الكرم والنخيل.
ثم بين سبحانه أنه إنما فعل ذلك (ليأكلوا من ثمره) أي: من ثمر النخيل. رد الضمير إلى أحد المذكورين، كما قال: (ولا ينفقونها في سبيل الله) والمعنى: غرضنا نفعهم بذلك، وانتفاعهم بأكل ثمار الجنات. (وما عملته أيديهم) أي: ولم تعمل تلك الثمار أيديهم، هذا إذا كان (ما) بمعنى النفي. قال الضحاك أي:
وجدوها معمولة، ولا صنع لهم فيها، أراد أنه من صنع الخالق، ولم يدخل في مقدورات الخلائق. وإذا كان بمعنى الذي فالتقدير: والذي عملته أيديهم من أنواع الأشياء المتخذة من النخل والعنب الكثيرة منافعها. وقيل: تقديره ومن ثمره ما عملته أيديهم يعني الغروس والزروع التي قاسوا حراثتها. (أفلا يشكرون) أي: ألا يشكرون الله تعالى على مثل هذه النعم. وهذا تنبيه منه سبحانه لخلقه على شكر نعمائه، وذكر جميل بلائه.
(سبحان الذي خلق الأزواج كلها مما تنبت الأرض ومن أنفسهم ومما لا يعلمون (36) وآية لهم الليل نسلخ منه النهار فإذا هم مظلمون (37) والشمس تجرى لمستقر لها ذلك تقدير العزيز العليم (38) والقمر قدرناه منازل حتى عاد كالعرجون القديم (39) لا الشمس ينبغي لها أن تدرك القمر ولا الليل سابق النهار وكل في فلك يسبحون (40)).
القراءة: قرأ زيد عن يعقوب: (لمستقر لها) بكسر القاف. والباقون بفتحها.
وقرأ أهل الحجاز، والبصرة، غير أبي جعفر، ورويس: (والقمر) بالرفع.
والباقون: بالنصب. وروي عن علي بن الحسين، زين العابدين عليه السلام، وأبي جعفر الباقر، وجعفر الصادق عليهما السلام، وابن عباس، وابن مسعود، وعكرمة، وعطاء بن أبي رباح: (لا مستقر لها) بنصب الراء.