إذا مزقتم كل ممزق، ويكون جواب إذا على هذا التقدير مضمرا، كأنه تبعثون إذا مزقتم كل ممزق بعثتم، فيستغنى إذا عن إظهار الجواب إذا تقد مها ما يدل عليه نحو:
أنت ظالم إن فعلت، وكذلك يحذف الشرط لدلالة الجزاء عليه إذا وقع بعد كلام غير واجب، نحو الأمر، والاستفهام، وما أشبه ذلك فافهم ذلك، فإنه فصل جليل الموقع في النحو، استخرجته من كلام أبي علي. (أفترى): أصله افترى دخلت همزة الاستفهام على همزة الوصل فأسقطتها.
المعنى: ثم ذكر سبحانه المؤمنين، واعترافهم بما جحده من تقدم ذكرهم من الكافرين فقال (ويرى الذين أوتوا العلم) أي: ويعلم الذين أعطوا المعرفة بوحدانية الله تعالى، وهم أصحاب محمد صلى الله عليه وآله وسلم، عن قتادة. وقيل: هم المؤمنون من أهل الكتاب، عن الضحاك. وقيل: هم كل من أوتي العلم بالدين، وهذا أولى لعمومه (الذي أنزل إليك من ربك) يعني القرآن (هو الحق) أي. يعلمونه الحق، لأنهم يتدبرونه، ويتفكرون فيه، فيعلمون بالنظر والاستدلال أنه ليس من قبل البشر، فهؤلاء لطف الله سبحانه لهم بما أداهم إلى العلم، فكأنه سبحانه قد آتاهم العلم.
وقوله: (ويهدي) أي: ويعلمون أنه يهدي إلى القرآن، ويرشد (إلى صراط العزيز الحميد) أي: دين القادر الذي لا يغالب المحمود على جميع أفعاله، وهو ا لله تعالى. وفي هذه الآية دلالة على فضيلة العلم، وشرف العلماء، وعظم أقدارهم.
ثم عاد سبحانه إلى الحكاية عن الكفار فقال: (وقال الذين كفروا) أي.
بعضهم لبعض، أو القادة للأتباع على وجه الاستبعاد، والتعجب (هل ندلكم على رجل) يعنون محمدا صلى الله عليه وآله وسلم (ينبئكم إذا مزقتم كل ممزق إنكم لفي خلق جديد) أي: يزعم أنكم تبعثون بعد أن تكونوا عظاما ورفاتا وترابا، وهو قوله (إذا مزقتم كل ممزق) أي: فرقتم كل تفريق، وقطعتم كل تقطيع، وأكلتكم الأرض والسباع والطيور، والجديد المستأنف المعاد. والمعنى: إنكم يجدد خلقكم بان تنشروا، وتبعثوا.
(أفترى على الله كذبا) معناه: هل كذب على الله متعمدا، حين زعم أنا نبعث بعد الموت، وهو استفهام تعجب لانكار (أم به جنة) أي: جنون فهو يتكلم بما لا يعلم. ثم رد سبحانه عليهم قولهم فقال: (بل) ليس الأمر على ما قالوا من