عليهم إثم في أن يتزوجوا أزواج أدعيائهم الذين تبنوهم، إذا قضى الأدعياء منهن حاجتهم، وفارقوهن. فبين سبحانه أن الغرض في ذلك أن لا يجري المتبني في تحريم امرأته إذا طلقها على المتبني، مجرى الابن من النسب والرضاع، في تحريم امرأته إذا طلقها على الأب.
(وكان أمر الله مفعولا) أي: كائنا لا محالة. وفي الحديث أن زينب كانت تفتخر على سائر نساء النبي، وتقول: زوجني الله من النبي، وأنتن إنما زوجكن أولياؤكن. وروى ثابت عن أنس بن مالك قال: لما انقضت عدة زينب، قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لزيد: إذهب فاذكرها علي. قال زيد: فانطلقت فقلت: يا زينب!
أبشري قد أرسلني رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يذكرك، ونزل القرآن. وجاء رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فدخل عليها بغير إذن لقوله تعالى (زوجناكها). وفي رواية أخرى قال زيد: فانطلقت فإذا هي تخمر عجينها، فلما رأيتها عظمت في نفسي، حتى ما أستطيع أن أنظر إليها، حين علمت أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ذكرها، فوليتها ظهري، وقلت: يا زينب أبشري! إن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يخطبك. ففرحت بذلك، وقالت: ما أنا بصانعة شيئا حتى أوامر ربي. فقامت إلى مسجدها، ونزل (زوجناكها) فتزوجها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، ودخل بها، وما أولم على امرأة من نسائه ما أولم عليها، ذبح شاة، وأطعم الناس الخبز واللحم، حتى امتد النهار.
وعن الشعبي قال: كانت زينب تقول للنبي صلى الله عليه وآله وسلم: إني لأدل عليك بثلاث، ما من نسائك امرأة تدل بهن: جدي وجدك واحد، وإني أنكحنيك الله في السماء، وإن السفير لي جبرائيل عليه السلام. ثم قال سبحانه: (ما كان على النبي من حرج فيما فرض الله له) أي: ما كان على النبي من إثم وضيق، فيما أحل الله له من التزويج بامرأة الابن المتبنى. وقيل: فيما فرض وأوجب عليه من التزويج بها، ليبطل حكم الجاهلية في الأدعياء.
(سنة الله في الذين خلوا من قبل) أي: كسنة الله في الأنبياء الماضين وطريقته، وشريعته فيهم، في زوال الحرج عنهم، وعن أممهم، بما أحل سبحانه لهم من ملاذهم. وقيل: في كثرة الأزواج كما فعله داود وسليمان عليهما السلام، وكان لداود مائة امرأة، ولسليمان ثلاثمائة امرأة، وسبعمائة سرية. وقيل: أشار بالسنة إلى أن النكاح من سنة الأنبياء، كما قال: (النكاح من سنتي فمن رغب عنه فقد رغب عن