البيت دون سائر الخلق، ولأن هذا القول يقتضي المدح والتعظيم لهم، بغير شك وشبهة، ولا مدح في الإرادة المجردة. فثبت الوجه الثاني. وفي ثبوته ثبوت عصمة المعنيين بالآية من جميع القبائح. وقد علمنا أن من عدا من ذكرناه من أهل البيت، غير مقطوع على عصمته، فثبت أن الآية مختصة بهم، لبطلان تعلقها بغيرهم.
ومتى قيل: إن صدر الآية وما بعدها في الأزواج؟ فالقول فيه: إن هذا لا ينكره من عرف عادة الفصحاء في كلامهم، فإنهم يذهبون من خطاب إلى غيره، ويعودون إليه، والقرآن من ذلك مملوء، وكذلك كلام العرب وأشعارهم ثم عاد سبحانه إلى ذكر الأزواج فقال: (واذكرن ما يتلى في بيوتكن من آيات الله والحكمة) معناه:
واشكرن الله تعالى إذ صيركن في بيوت يتلى فيها القرآن والسنة، عن قتادة. وقيل:
اذكرن أي: إحفظن ذلك، وليكن منكن على بال أبدا، لتعملن بموجبه. وهذا حث لهن على حفظ القرآن والأخبار، ومذاكرتهن بهما، والخطاب وإن اختص بهن، فغيرهن يشاركهن فيه، لأن بناء الشريعة على القرآن والسنة.
(إن الله كان لطيفا) بأوليائه (خبيرا) بجميع خلقه. وقيل: لطيفا في تدبير خلقه، وإيصال المنافع إليهم، خبيرا بما يكون منهم، ومصالحهم، ومفاسدهم، فيأمرهم بفعل ما فيه صلاحهم، واجتناب ما فيه فسادهم. قال مقاتل بن حيان: لما رجعت أسماء بنت عميس من الحبشة، مع زوجها جعفر بن أبي طالب عليه السلام، دخلت على نساء رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فقالت: هل نزل فينا شئ من القرآن؟ قلن: لا.
فأتت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقالت: يا رسول الله! إن النساء لفي خيبة وخسار.
فقال صلى الله عليه وآله وسلم: ومم ذلك؟ قالت: لأنهن لا يذكرن بخير، كما يذكر الرجال. فأنزل الله تعالى هذه الآية.
(إن المسلمين والمسلمات) أي: المخلصين الطاعة لله والمخلصات، من قوله ورجلا سلما لرجل أي: خالصا. وقيل معناه: إن الداخلين في الاسلام من الرجال والنساء. وقيل: يعني المستسلمين لأوامر الله، والمنقادين له من الرجال والنساء. (والمؤمنين والمؤمنات) أي: والمصدقين بالتوحيد والمصدقات، والإسلام والإيمان واحد، عند أكثر المفسرين. وإنما كرر لاختلاف اللفظين.
وقيل: إنهما مختلفان، فالإسلام الإقرار باللسان، والإيمان: التصديق بالقلب.
ويعضده قوله: (قالت الاعراب آمنا قل لم تؤمنوا ولكن قولوا أسلمنا). وقيل: