لستن كأحد من النساء) قال الزجاج: لم يقل كواحدة من النساء، لأن أحدا للنفي العام. وقال ابن عباس: معناه ليس قدركن عندي كقدر غيركن من النساء الصالحات، أنتن أكرم علي، فأنا بكن أرحم، وثوابكن أعظم، لمكانكن من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم. (إن اتقيتن) الله شرط عليهن التقوى ليبين سبحانه أن فضيلتهن بالتقوى، لا باتصالهن بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم. (فلا تخضعن بالقول) أي: لا ترققن القول، ولا تلن الكلام للرجال، ولا تخاطبن الأجانب مخاطبة تؤدي إلى طمعهم، فتكن كما تفعل المرأة التي تظهر الرغبة في الرجال.
(فيطمع الذي في قلبه مرض) أي: نفاق وفجور، عن قتادة. وقيل: من في قلبه شهوة للزنا، عن عكرمة. وقيل: إن المرأة مندوبة إذا خاطبت الأجانب إلى الغلظة في المقالة، لأن ذلك أبعد من الطمع في الريبة. (وقلن قولا معروفا) أي:
مستقيما جميلا بريئا من التهمة، بعيدا من الريبة، موافقا للدين والإسلام.
(وقرن في بيوتكن) أمرهن بالاستقرار في بيوتهن، والمعنى. اثبتن في منازلكن، والزمنها وإن كان من وقر يقر فمعناه: كن أهل وقار وسكينة (ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى) أي: لا تخرجن على عادة النساء اللاتي في الجاهلية، ولا تظهرن زينتكن، كما كن يظهرن ذلك. وقيل: التبرج التبختر والتكبر في المشي، عن قتادة، ومجاهد. وقيل: هو أن تلقي الخمار على رأسها، ولا تشده فتواري قلائدها وقرطيها، فيبدو ذلك منها، عن مقاتل. والمراد بالجاهلية الأولى: ما كان قبل الاسلام، عن قتادة. وقيل: ما كان بين آدم عليه السلام، ونوح عليه السلام ثمان مائة سنة، عن الحكم. وقيل: ما بين عيسى ومحمد، عن الشعبي قال: وهذا لا يقتضي أن يكون بعدها جاهلية في الاسلام، لأن الأول اسم للسابق تأخر عنه غيره أو لم يتأخر.
وقيل: إن معنى تبرج الجاهلية الأولى أنهم كانوا يجوزون أن تجمع امرأة واحدة زوجا وخلا، فتجعل لزوجها نصفها الأسفل، ولخلها نصفها الأعلى، يقبلها ويعانقها.
ثم قال: (وأقمن الصلاة) أي: أدينها في أوقاتها بشرائطها (وآتين الزكاة) المفروضة في أموالكن، (وأطعن الله ورسوله) فيما يأمرانكن به، وينهانكن عنه.
ثم قال عز وجل: (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا) قال ابن عباس. الرجس عمل الشيطان، وما ليس لله فيه رضى. والبيت التعريف فيه للعهد، والمراد به: بيت النبوة والرسالة. والعرب تسمي ما يلتجأ إليه بيتا، ولهذا