يركضون) معناه: إذا هم من القرية، أو من العقوبة، يهربون سراعا، هرب المنهزم من عدوه (لا تركضوا) أي: يقال لهم تقريعا وتوبيخا: لا تهربوا (وارجعوا إلى ما أترفتم فيه ومساكنكم) أي: وارجعوا إلى ما نعمتم فيه، وإلى مساكنكم التي كفرتم وظلمتم فيها. وقيل: إنهم لما أخذتهم السيوف انهزموا مسرعين، فقالت لهم الملائكة بحيث سمعوا النداء: لا تركضوا وارجعوا إلى ما خولتم ونعمتم فيه، وأرجعوا إلى مساكنكم. وقال ابن قتيبة: معناه إلى نعمكم التي أترفتكم، ومساكنكم، لعلكم تسألون شيئا من دنياكم. والمعنى أن الملائكة استهزأت بهم، فقالت لهم: ارجعوا إلى نعمكم ومساكنكم. (لعلكم تسألون) شيئا من دنياكم، فإنكم أهل ثروة ونعمة. يقولون ذلك استهزاء بهم. هذا قول قتادة. وقيل: لعلكم تسألون أي: يسألكم رسولكم أن تؤمنوا كما سئل قبل نزول العذاب بكم. وهذا استهزاء بهم أيضا أي: لا سبيل إلى هذا، فتدبروا الأمر قبل حلوله. وقيل: لكي تسألوا عن أعمالكم، وعن تنعمكم في الدنيا بغير الحق، وعما استحققتم به العذاب، عن الجبائي، وأبي مسلم.
(قالوا) على سبيل التندم لما رأوا العذاب. (يا ويلنا إنا كنا ظالمين) لأنفسنا حيث كذبنا رسل ربنا. والمعنى أنهم اعترفوا بالذنب حين عاينوا العذاب. والويل:
الوقوع في الهلكة (فما زالت تلك دعواهم) أي. لم يزالوا يقولون يا ويلنا، وتلك دعواهم (حتى جعلناهم حصيدا) أي: محصودا مقطوعا (خامدين) ساكني الحركات، ميتين، كما تخمد النار إذا انطفأت. والمعنى استأصلناهم بالعذاب، وأهلكناهم، عن الحسن. وقيل: بالسيف، وهو قتل بخت نصر لهم، عن مجاهد.
وقيل: نزلت في قرية باليمن قتلوا نبيا لهم يقال له حنظلة، فسلط الله عليهم بخت نصر حتى قتلهم، وسباهم، ونكل فيهم، حتى خرجوا من ديارهم منهزمين، فبعث الله ملائكة حتى ردوهم إلى مساكنهم، فقتل صغارهم وكبارهم، حتى لم يبق لهم اسم ولا رسم.
(وما خلقنا السماء والأرض وما بينهما لاعبين) بل خلقناهما لغرض صحيح، وهو أن يكون دلالة ونعمة وتعريضا للثواب (لو أردنا أن نتخذ لهوا لاتخذناه من لدنا) اللهو المرأة، عن الحسن ومجاهد. وقيل: هو الولد، عن ابن عباس. وقيل: معناه اللهو الذي هو داعي الهوى، ونازع الشهوة. والمعنى: لو اتخذنا نساء أو ولدا