الحجة: وجه النون أنه أشبه بما تقدم من قوله (وما أرسلنا). والياء في المعنى كالنون. والوجه في قراءة الحسن (الحق) بالرفع: الاستئناف، فإن الوقف في هذه القراءة على قوله (لا يعلمون)، والتقدير هذا الحق، أو هو الحق. فيحذف المبتدأ ويوقف على الحق. ثم يستأنف فيقال: (فهم معرضون) لأن أكثرهم لا يعلمون. والوجه في قوله (رتقا) بفتح التاء أنه قد كثر مجئ المصدر على فعل واسم المفعول منه على فعل مفتوح العين، وذلك كالنفض، والنفض، والطرد والطرد. فالرتق على هذا يكون للشئ المرتوق، كما أن النفض المنفوض، والهدم المهدوم. فقراءة الجماعة (رتقا) بسكون التاء كأنه مما وضع من المصادر موضع اسم المفعول، كالصيد بمعنى المصيد، والخلق بمعنى المخلوق.
الاعراب: (أم اتخذوا): أم هذه هي المنقطعة، وليست المعادلة لهمزة الاستفهام في مثل قولك: أزيد عندك أم عمرو. وقوله (لو كان فيهما آلهة إلا الله لفسدتا). إلا هذه صفة لآلهة وتقديره غير الله، عما يفعل ما هذه: الأجود أن تكون مصدرية، ويحتمل أن تكون اسما.
المعنى: ثم عاد سبحانه إلى توبيخ المشركين فقال: (أم اتخذوا آلهة من الأرض) هذا استفهام معناه الجحد أي: لم يتخذوا آلهة من الأرض (هم ينشرون) أي: يحيون الأموات، عن مجاهد. يقال: أنشر الله الموتى فنشروا أي: أحياهم فحيوا، وهو من النشر بعد الطي، لأن المحيا كأنه كان مطويا بالقبض عن الإدراك، فأنشر بالحياة. والمعنى في ذلك: أن هؤلاء إذا كانوا لا يقدرون على الإحياء الذي من قدر عليه قدر على أن ينعم بالنعم التي يستحق بها العبادة، فكيف يستحقون العبادة. قال الزجاج: ومن قرأ (ينشرون) بفتح الياء فمعناه: لا يموتون أبدا ويبقون أحياء أي: لا يكون ذلك. وأقول قد يجوز أن يكون ينشرون وينشرون بمعنى، يقال: نشر الله الميت بمعنى أنشر.
ثم ذكر سبحانه الدلالة على توحيده، وأنه لا يجوز أن يكون معه إله سواه فقال: (لو كان فيهما آلهة إلا الله لفسدتا) ومعناه. لو كان في السماء والأرض آلهة سوى الله، لفسدتا وما استقامتا، وفسد من فيهما، ولم ينتظم أمرهم. أي هذا هو دليل التمانع الذي بنى عليه المتكلمون مسألة التوحيد، وتقرير ذلك: أنه لو كان مع الله سبحانه إله آخر، لكانا قديمين، والقدم من أخص الصفات. فالاشتراك فيه يوجب