فأنجيناهم ومن نشاء وأهلكنا المسرفين [9] لقد أنزلنا إليكم كتابا فيه ذكركم أفلا تعقلون [10]).
القراءة: قرأ (نوحي) بالنون حفص عن عاصم. والباقون: (يوحي). وقد تقدم ذكره في سورة يوسف عليه السلام.
الاعراب: (أهلكناها): في موضع الجر لأنه صفة قرية. (جسدا): واحدا بمعنى الجمع أي: وما جعلناهم أجسادا بمعنى ذوي أجساد، ولذلك قال (لا يأكلون) وتقديره غير آكلين الطعام. (ومن نشاء): في موضع نصب عطفا على هم من قوله (فأنجيناهم).
المعنى: لما تقدمت الحكاية عن الكفار بأنهم اقترحوا الآيات، قال سبحانه مجيبا لهم. (ما آمنت قبلهم من قرية أهلكناها) أي: لم يؤمن قبل هؤلاء الكفار من أهل قرية جاءتهم الآيات التي طلبوها، فأهلكناهم مصرين على الكفر (أفهم يؤمنون) عند مجيئها. هذا إخبار عن حالهم، وأن سبيلهم سبيل من تقدم من الأمم، طلبوا الآيات فلم يؤمنوا بها، وأهلكوا. فهؤلاء أيضا لو أتاهم ما اقترحوه لم يؤمنوا، ولاستحقوا عذاب الاستئصال. وقد حكم سبحانه في هذه الآية أن لا يعذبهم عذاب الاستئصال، فلذلك لم يجبهم في ذلك. وقيل: ما حكم الله سبحانه بهلاك قرية، إلا وفي المعلوم أنهم لا يؤمنون، فلذلك لم يأت هؤلاء بالآيات المقترحة.
(وما أرسلنا قبلك) يا محمد (إلا رجالا) هذا جواب لقولهم: (وما هذا إلا بشر مثلكم) والمعنى لم نرسل قبلك يا محمد إلا رجالا من بني آدم (نوحي إليهم) لا ملائكة، لأن الشكل إلى الشكل أميل، وبه آنس، وعنه أفهم، ومن الأنفة منه أبعد (فاسئلوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون) اختلف في المعني بأهل الذكر على أقوال: فروي عن علي عليه السلام أنه قال: نحن أهل الذكر، وروي ذلك عن أبي جعفر عليه السلام. ويعضده أن الله تعالى سمى النبي صلى الله عليه وآله وسلم ذكرا رسولا في قوله (ذكرا رسولا). وقيل: أهل الذكر أهل التوراة والإنجيل، عن الحسن وقتادة. وقيل: هم أهل العلم بأخبار من مضى من الأمم. وقيل: هم أهل القرآن. والذكر: هو القرآن. وهم العلماء بالقرآن، عن ابن زيد.
(وما جعلناهم جسدا لا يأكلون الطعام وما كانوا خالدين) أي. باقين لا