ليوهم أنه منهم، عن الجبائي. وقيل: معناه فمثل ما ألقينا نحن من هذا الحلي في النار، ألقي السامري أيضا، فاتبعناه. وقيل: إن هذا كلام مبتدأ من الله، حكى عنهم أنهم ألقوا ثم قال: وكذلك ألقى السامري، عن أبي مسلم (فأخرج لهم عجلا جسدا) أي: أخرج لهم من ذلك عجلا جسيما (له خوار) أي: صوت. وقد ذكرنا صفة العجل في سورة الأعراف (فقالوا هذا إلهكم وإله موسى) أي: قال السامري، ومن تبعه من السفلة، والعوام: هذا العجل معبودكم، ومعبود موسى.
(فنسي) فيه قولان أحدهما. إنه من قول السامري، ومن تبعه، أي: نسي موسى أنه إله وهو قول ابن عباس وقتادة ومجاهد والسدي والضحاك. وقيل: معناه فنسي أي: ضل وأخطأ الطريق. وقيل: معناه أنه تركه هنا، وخرج يطلبه والثاني:
إنه قول الله تعالى أي: فنسي السامري أي ترك ما كان عليه من الإيمان الذي بعث الله به موسى، عن ابن عباس أيضا. وقيل: معناه فنسي السامري الاستدلال على حدوث العجل، وأنه لا يجوز أن يكون إلها. وقيل: فنسي السامري أي: نافق وترك الاسلام.
ثم احتج سبحانه عليهم فقال: (أفلا يرون ألا يرجع إليهم قولا) أي. أفلا يرى بنو إسرائيل أن العجل الذي عبدوه، واتخذوه إلها، لا يرد عليهم جوابا (ولا يملك لهم ضرا ولا نفعا) ومن كان بهذه الصفة، فإنه لا يصلح للعبادة. قال مقاتل:
لما مضى من موعد موسى خمسة وثلاثون يوما، أمر السامري بني إسرائيل أن يجمعوا ما استعاروه من حلي آل فرعون، وصاغه عجلا في السادس والثلاثين، والسابع، والثامن، ودعاهم إلى عبادته في التاسع، فأجابوه. وجاءهم موسى بعد استكمال الأربعين. قال سعيد بن جبير: كان السامري من أهل (كرمان)، وكان مطاعا في بني إسرائيل. وقيل: كان من قرية يعبدون البقر، فكان حب ذلك في قلبه. وقيل: كان من بني إسرائيل، فلما جاوز البحر نافق. فلما قالوا: (اجعل لنا إلها كما لهم آلهة) اغتنمها، وأخرج لهم العجل، ودعاهم إليه، عن قتادة.
(ولقد قال لهم هارون من قبل) أي: من قبل عود موسى إليهم (يا قوم إنما فتنتم به) يعني أن الله تعالى شدد عليكم التعبد، فاعلموا إلهكم واعبدوه، ولا تعبدوا العجل، موعظة ونصحا. ويحتمل أن يكون أراد فتنكم السامري به، وأضلكم (وإن