عن ذنوبهم المجرمون) قال قتادة: يعني أنهم يدخلون النار بغير حساب. وقال قتادة: إن الملائكة تعرفهم بسيماهم، فلا يسألون عنهم لعلامتهم، ويأخذونهم بالنواصي والأقدام، فيصيرونهم إلى النار. وهذا كقوله (فيومئذ لا يسأل عن ذنبه انس ولا جان). وأما قوله (فوربك لنسألنهم أجمعين): فإنما ذلك سؤال تقريع وتوبيخ، لا ليعلم ذلك من قبلهم، عن الحسن.
(فخرج على قومه) أي: خرج قارون على بني إسرائيل (في زينته) التي كان يتزين بها، وحشمه وتبعه. وقيل: إنه خرج في أربعة آلاف دابة، عليها أربعة آلاف فارس، عليهم وعلى دوابهم الأرجوان، عن قتادة. والأرجوان في اللغة: صبغ أحمر. وقيل: خرج في جوار بيض على سرج من ذهب، على قطف أرجوان، على بغال بيض، عليهن ثياب حمر، وحلي من ذهب، عن السدي. وقيل: خرج في سبعين ألفا عليهم المعصفرات.
(قال الذين يريدون الحياة الدنيا) من الكفار والمنافقين، وضعيفي الإيمان بما للمؤمنين عند الله من ثواب الجنة، لما رأوه في تلك الزينة والجمال: (يا ليت لنا مثل ما أوتي قارون إنه لذو حظ عظيم) أي: ذو نصيب وافر من الدنيا. والمعنى:
أنهم تمنوا مثل منزلته، ومثل ماله (وقال الذين أوتوا العلم) وهم المصدقون بوعد الله المؤمنون لهم (ويلكم ثواب الله خير لمن آمن وعمل صالحا) مما أوتي قارون.
وحذف لدلالة الكلام عليه.
(ولا يلقاها إلا الصابرون) أي: ولا يلقى مثل هذه الكلمة، ولا يوفق لها إلا الصابرون على أمر الله. وقيل: معناه ولا يعطاها يعني الجنة في الآخرة. ودل عليها قوله (ثواب الله). (إلا الصابرون) على طاعة الله وعن زينة الدنيا، عن الكلبي.
(فخسفنا به وبداره الأرض) قال السدي: دعا قارون امرأة من بني إسرائيل بغيا، فقال لها: إني أعطيك ألفين على أن تجيئي غدا إذا اجتمعت بنو إسرائيل عندي، فتقولي: يا معشر بني إسرائيل! مالي ولموسى قد آذاني. قالت: نعم.
فأعطاها خريطتين عليهما خاتمه. فلما جاءت بيتها، ندمت وقالت: يا ويلتي! قد عملت كل فاحشة، فما بقي إلا أن أفتري على نبي الله. فلما أصبحت، أقبلت ومعها الخريطتان، حتى قامت بين بني إسرائيل، فقالت: إن قارون قد أعطاني هاتين الخريطتين، على أن آتي جماعتكم، فأزعم أن موسى يراودني عن نفسي، ومعاذ الله