خبر المبتدأ الذي هو (أن يعلمه علماء بني إسرائيل). ولا يمتنع أن لا يضمر القصة والحديث، ولكن يرفع (أن يعلمه) بقوله (تكن)، وإن كان في تكن علامة التأنيث، لأن (أن يعلمه) في المعنى هو الآية. فيحمل الكلام على المعنى، كما حمل على المعنى في قوله: (فله عشر أمثالها)، فأنث لما كان المراد بالأمثال الحسنات.
وكذلك قراءة من قرأ (ثم لم تكن فتنتهم إلا أن قالوا). وقال ابن جني في قراءة الحسن (الأعجميين): إنها تفسير للغرض في القراءة المجمع عليها، وهي قوله بعض الأعجميين، وذلك أن ما كان من الصفات على أفعل، ومؤنثه فعلى، لا يجمع بالواو والنون، ولا بالألف والتاء. فكان قياسه أن لا يجوز فيه الأعجمون، لأن مؤنثة عجمي. لكن سببه أنه أريد به الأعجميون. ثم حذف ياء النسب، وجعل جمعه بالواو والنون دليلا عليها، وإمارة لإرادتها، كما جعلت صحة الواو في عواور، إمارة لإرادة الياء في عواوير.
وقوله (فتأتيهم بغتة) بالتاء معناه فتأتيهم الساعة، فأضمر الساعة لدلالة العذاب الواقع فيها عليها، ولكثرة ما يرد في القرآن من ذكر إتيانها. وأما قوله (الشياطون) فقد قال الفراء فيه غلط الشيخ يعني الحسن. فقيل ذلك للنضر بن شميل، فقال: إذا جاز أن يحتج بقول العجاج ورؤبة، فهلا جاز أن يحتج بقول الحسن، مع أنا نعلم أنه لم يقرأ به إلا وقد سمعه. قال ابن جني: هذا مما يعرض مثله للفصيح، لتداخل الجمعين عليه، وتشابههما عنده، ونحو منه قولهم: مسيل، فيمن أخذه من السيل.
ثم قالوا في جمعه: مسلان وأمسلة. وفي معين: معنان وأمعنة، مع أن الأقوى أن يكون معنان من العين. فالشياطون غلط لكن يشبهه، كما أن من همز مصائب، كذلك عندهم. وقال الزمخشري: الوجه فيه أنه رأى آخره كآخر يبرين وفلسطين، فتخير بين أن يجري الإعراب على النون، وبين أن يجريه على ما قبله، فيقول الشياطين والشياطون، كما تخيرت العرب بين أن تقول هذه يبرون ويبرين، وفلسطون وفلسطين. وحقه أن يشق من الشيطوطة، وهي الهلاك، كما قيل له الباطل.
اللغة: الأعجم: الذي يمتنع لسانه عن العربية. والعجمي. نقيض العربي.
والأعجمي: نقيض الفصيح.
الاعراب: (لا يؤمنون به): في موضع النصب على الحال. و (بغتة):