ومنه الريع في الطعام وهو ارتفاعه بالزيادة والنماء. وقال أبو عبيدة: الريع الطريق بين الجبلين في الارتفاع. وقيل: هو الفج الواسع. والمصانع: مأخذ الماء جمع مصنع. قال أبو عبيدة: كل بناء مصنعة. وقال قتادة ومجاهد: المصانع هي القصور والحصون. والبطش: العسف قتلا بالسيف، وضربا بالسوط. والجبار:
العالي على غيره بعظيم سلطانه، وهو في صفة الله سبحانه مدح، وفي صفة غيره ذم، لأن معناه في العبد أنه يتكلف الجبرية.
المعنى: ثم أخبر سبحانه عن عاد، فقال: (كذبت عاد المرسلين) والتأنيث لمعنى القبيلة، لأنه أراد بعاد القبيلة (إذ قال لهم أخوهم) في النسب (هود ألا تتقون) الله باجتناب معاصيه (إني لكم رسول أمين) إلى قوله (رب العالمين) مر تفسيره (أتبنون بكل ريع) أي: بكل مكان مرتفع. وقيل: بكل شرف، عن ابن عباس. وقيل: بكل طريق، عن الكلبي، والضحاك. (آية تعبثون) أي: بناء لا تحتاجون إليه لسكناكم، وإنما تريدون العبث بذلك، واللعب واللهو. كأنه جعل بناهم ما يستغنون عنه عبثا منهم، عن ابن عباس في رواية عطا.
ويؤيده الخبر المأثور عن أنس بن مالك أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، خرج فرأى قبة مشرفة، فقال: ما هذه؟ قال له أصحابه: هذا لرجل من الأنصار. فمكث حتى إذا جاء صاحبها، فسلم في الناس، أعرض عنه، وصنع ذلك به مرارا، حتى عرف الرجل الغضب، والإعراض عنه، فشكا ذلك إلى أصحابه، وقال: والله إني لأنكر نظر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، ما أدري ما حدث في، وما صنعت؟ قالوا: خرج رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فرأى قبتك، فقال: لمن هذه؟ فأخبرناه. فرجع إلى قبته، فسواها بالأرض. فخرج رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ذات يوم، فلم ير القبة، فقال: ما فعلت القبة التي كانت ههنا؟ قالوا: شكا إلينا صاحبها إعراضك عنه، فأخبرناه فهدمها. فقال:
إن لكل بناء يبنى وبال على صاحبه يوم القيامة، إلا ما لا بد منه.
وقيل: معناه إنهم كانوا يبنون بالمواضع المرتفعة، ليشرفوا على المارة والسائلة، فيسخروا منهم، ويعبثوا بهم، عن الكلبي، والضحاك. وقيل: إن هذا في بنيان الحمام، أنكر هود عليهم اتخاذهم بروجا للحمام عبثا، عن سعيد بن جبير، ومجاهد. (وتتخذون مصانع) أي: حصونا وقصورا مشيدة، عن مجاهد. وقيل:
مأخذا للماء تحت الأرض، عن قتادة (لعلكم تخلدون) كأنكم تخلدون فيها، فلا