(وقيل لهم) في ذلك اليوم على وجه التوبيخ. (أين ما كنتم تعبدون من دون الله) من الأصنام والأوثان وغيرهما. وإنما وبخوا بلفظ الاستفهام، لأنه لا جواب لهم عن ذلك إلا بما فيه فضيحتهم. (هل ينصرونكم) بدفع العذاب عنكم في ذلك اليوم (أو ينتصرون) لكم إذا عوقبتم. وقيل: ينتصرون أي: يمتنعون من العذاب.
(فكبكبوا فيها، أي: جمعوا وطرح بعضهم على بعض، عن ابن عباس. وقيل:
نكسوا فيها على رؤوسهم، عن السدي. (هم) يعني الآلهة التي يعبدونها (والغاوون) أي: والعابدون. والمعنى: اجتمع المعبودون من دون الله، والعابدون لها في النار. (وجنود إبليس أجمعون) أي: وكبكب معهم جنود إبليس، يريد من اتبعه من ولده، وولد آدم.
(قالوا وهم فيها يختصمون) أي: قال هؤلاء، وهم في النار، يخاصم بعضهم بعضا (تالله إن كنا لفي ضلال مبين إذ نسويكم برب العالمين) وإن هذه هي المخففة من الثقيلة أي: إنا كنا في ضلال. ومعناه: لقد كنا في ضلال عن الحق بين، وذهاب عن الصواب ظاهر، إذ سويناكم بالله، وعدلناكم به في توجيه العبادة إليكم. (وما أضلنا إلا المجرمون) أي: إلا أولونا الذين اقتدينا بهم، عن الكلبي.
وقيل: إلا الشياطين، عن مقاتل. وقيل: الكافرون الذين دعونا إلى الضلال.
ثم أظهروا الحسرة فقالوا: (فما لنا من شافعين) يشفعون لنا، ويسألون في أمرنا. (ولا صديق حميم) أي: ذي قرابة يهمه أمرنا. والمعنى: ما لنا من شفيع من الأباعد، ولا صديق من الأقارب، وذلك حين يشفع الملائكة والنبيون والمؤمنون. وفي الخبر المأثور عن جابر بن عبد الله قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: (إن الرجل يقول في الجنة: ما فعل صديقي فلان وصديقه في الجحيم، فيقول الله تعالى: أخرجوا له صديقه إلى الجنة. فيقول من بقي في النار: فما لنا من شافعين، ولا صديق حميم).
وروى العياشي بالإسناد عن حمران بن أعين، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: والله لنشفعن لشيعتنا، والله لنشفعن لشيعتنا، حتى يقول الناس: (فما لنا من شافعين ولا صديق حميم) إلى قوله (فنكون من المؤمنين) وفي رواية أخرى: حتى يقول عدونا. وعن أبان بن تغلب قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: إن المؤمن ليشفع يوم القيامة لأهل بيته، فيشفع فيهم حتى يبقى خادمه، فيقول ويرفع سبابتيه: يا رب