أي: لم يمنع حظها من الماء. والسوء: الضر الذي يشعر به صاحبه لأنه يسوؤه وقوعه. والعقر: قطع شئ من بدن الحي، فإذا كثر انتفت معه الحياة، وإذا قل لم تنتف.
المعنى: ثم أخبر سبحانه عن ثمود فقال: (كذبت ثمود المرسلين) وهو مفسر في هذه السورة إلى قوله (أتتركون فيما ههنا آمنين) معناه: أتظنون أنكم تتركون فيما أعطاكم الله من الخير في هذه الدنيا، آمنين من الموت والعذاب. وهذا إخبار بأن ما هم فيه من النعم، لا يبقى عليهم، وأنها ستزول عنهم. ثم عدد نعمهم التي كانوا فيها، فقال: (في جنات) أي: بساتين يسترها الشجر (وعيون) جارية (وزروع ونخل طلعها هضيم) الطلع: الكفرى، مشتق من الطلوع، لأنه يطلع من النخل.
والهضيم: اليانع النضيج، عن ابن عباس. وقيل: هو الرطب اللين، عن عكرمة.
وقيل: هو الضامر بدخول بعضه في بعض، عن الضحاك. وقيل: هو الذي إذا مس تفتت، عن مجاهد. وقيل: هو الذي ليس فيه نوى، عن الحسن.
(وتنحتون من الجبال بيوتا فارهين) أي: حاذقين بنحتها من فره الرجل فراهة فهو فاره. وفرهين: أشرين بطرين، عن ابن عباس. (فاتقوا الله) في مخالفته (وأطيعون) فيما أمركم به (ولا تطيعوا أمر المسرفين) يعني الرؤساء منهم، وهم تسعة رهط من ثمود الذين عقروا الناقة. ثم وصفهم فقال: (الذين يفسدون في الأرض ولا يصلحون قالوا) في جوابه (إنما أنت من المسحرين) قد أصبت بسحر، ففسد عقلك، فصرت لا تدري ما تقول. وهو بمعنى المسحورين. والمراد:
سحرت مرة بعد أخرى. وقيل: معناه من المخدوعين. وقيل: من المخلوقين المعللين بالطعام والشراب، عن ابن عباس. وقيل: معناه أنت مثلنا لك سحر أي:
رئة تأكل وتشرب، فلم صرت أولى منا بالنبوة (ما أنت إلا بشر مثلنا) أي: آدمي مثلنا.
(فأت بآية) أي: بمعجزة تدل على صدقك (إن كنت من الصادقين قال هذه ناقة) وهي الناقة التي أخرجها الله تعالى من الصخرة، عشراء ترغو على ما اقترحوه.
(لها شرب ولكم شرب يوم معلوم) أي: لها حظ من الماء لا تزاحموها فيه، ولكم حظ لا تزاحمكم فيه. وروي عن أمير المؤمنين عليه السلام أنه قال: إن أول عين نبعت في الأرض هي التي فجرها الله لصالح، فقال: (لها شرب ولكم شرب يوم معلوم).