رجلان فصاعدا، عن عكرمة. وقيل: أقله رجل واحد، عن ابن عباس والحسن ومجاهد وإبراهيم، وهو المروي عن أبي جعفر عليه السلام. ويدل على ذلك قوله: (وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا). وهذا الحكم يثبت للواحد، كما يثبت للجمع.
وقيل. أقلها أربعة، لأن أقل ما يثبت به الزنا شهادة أربعة، عن ابن زيد. وقيل:
ليس لهم عدد محصور، بل هو موكول إلى رأي الإمام. والمقصود أن يحضر جماعة يقع بهم إذاعة الحد، ليحصل الاعتبار.
وقوله: (الزاني لا ينكح إلا زانية أو مشركة والزانية لا ينكحها إلا زان أو مشرك) اختلف في تفسيره على وجوه أحدها: إن المراد بالنكاح العقد، ونزلت الآية على سبب، وهو: أن رجلا من المسلمين، استأذن النبي صلى الله عليه وآله وسلم في أن يتزوج أم مهزول، وهي امرأة كانت تسافح، ولها راية على بابها، تعرف بها. فنزلت الآية، عن عبد الله بن عباس وابن عمر ومجاهد وقتادة والزهري. والمراد بالآية النهي، وإن كان ظاهره الخبر، ويؤيده ما روي عن أبي جعفر عليه السلام، وأبي عبد الله عليه السلام، أنهما قالا: هم رجال ونساء، كانوا على عهد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، مشهورين بالزنا، فنهى الله عن أولئك الرجال والنساء على تلك المنزلة، فمن شهر بشئ من ذلك، وأقيم عليه الحد، فلا تزوجوه حتى تعرف توبته. وثانيها: إن النكاح هنا الجماع، والمعنى: إنهما اشتركا في الزنا، فهي مثله، عن الضحاك، وابن زيد، وسعيد بن جبير، وفي إحدى الروايتين عن ابن عباس. فيكون نظير قوله (الخبيثات للخبيثين " في أنه خرج مخرج الأغلب الأعم.
وثالثها: إن هذا الحكم كان في كل زاني وزانية، ثم نسخ بقوله (وانكحوا الأيامى منكم) الآية. عن سعيد بن المسيب، وجماعة ورابعها: إن المراد به العقد، وذلك الحكم ثابت فيمن زنا بامرأة، فإنه لا يجوز له أن يتزوج بها روي ذلك عن جماعة من الصحابة، وإنما قرن الله سبحانه بين الزاني والمشرك، تعظيما لأمر الزنا، وتفخيما لشأنه. ولا يجوز أن تكون هذه الآية خبرا، لأنا نجد الزاني يتزوج غير الزانية، ولكن المراد هنا الحكم، أو النهي، سواء كان المراد بالنكاح العقد، أو الوطء. وحقيقة النكاح في اللغة الوطء (وحرم ذلك على المؤمنين) أي: حرم نكاح الزانيات، أو حرم الزنا على المؤمنين، فلا يتزوج بهن، أو لا يطأهن إلا زان، أو مشرك.