منفعة. فلا بد من أن يكون خلق الخلق لينفعهم، ويعرضهم للثواب، بأن يتعبدهم.
وإذا تعبدهم فلا بد من الفرق بين المطيع والعاصي، وذلك إنما يكون بعد البعث.
(وأنكم الينا لا ترجعون) أي: وحسبتم أنكم لا ترجعون إلى حكمنا، والموضع الذي لا يملك الحكم فيه غيرنا.
(فتعالى الله الملك الحق) أي: تعالى عما يصفه به الجهال من الشريك والولد. وقيل: معناه تعالى الله من أن يفعل شيئا عبثا. و (الملك الحق): الذي يحق له الملك، بأنه ملك غير مملوك، وكل ملك غيره فملكه مستعار. ولأنه يملك جميع الأشياء من جميع الوجوه، وكل ملك سواه يملك بعض الأشياء من بعض الوجوه. والحق هو الشئ الذي من اعتقده كان على ما اعتقده. فالله هو الحق، لأن من اعتقد أنه (لا إله إلا هو) فقد اعتقد الشئ على ما هو به.
(رب العرش الكريم) أي: خالق السرير الحسن، والكريم في صفة الجماد بمعنى الحسن. وقيل: الكريم الكثير الخير. وصف العرش به لكثرة ما فيه من الخير لمن حوله، ولإتيان الخير من جهته. وخص العرش بالذكر مع كونه سبحانه رب كل شئ، تشريفا وتعظيما، كقوله: (رب هذا البيت). (ومن يدع مع الله إلها آخر لا برهان له به) أي: لا حجة له فيما يدعيه، يعني أن من صفته أنه لا حجة له به.
(فإنما حسابه عند ربه) معناه: فإنما معرفة مقدار ما يستحقه من الجزاء، عند ربه، فيجازيه على قدر ما يستحقه. وقيل: معناه فإنما مكافأته عند الله تعالى، والمكافأة والمحاسبة بمعنى. (إنه لا يفلح الكافرون) أي: لا يظفر، ولا يسعد الجاحدون لنعم الله، والمنكرون لتوحيده، والدافعون للبعث والنشور. ولما حكى سبحانه أقوال الكفار، أمر نبيه صلى الله عليه وآله وسلم بالتبري منهم، والانقطاع إليه سبحانه، فقال: (وقل) يا محمد (رب اغفر) الذنوب (وارحم) وأنعم على خلقك (وأنت خير الراحمين) أي: أفضل المنعمين، وأكثرهم نعمة، وأوسعهم فضلا.