عديم المثل. والأولى أن يكون جملة مستأنفة. و (ورب العرش): خبر مبتدأ محذوف فهي جملة أخرى مستأنفة بدلالة حسن الوقف على المواضع الثلاثة: على (الحق)، وعلى (هو)، وعلى (الكريم). (لا برهان له به): جملة منصوبة الموضع بأنه صفة لقوله: (إلها)، فهي صفة بعد صفة.
المعنى: ثم أخبر سبحانه عن المؤمنين الذين سخر الكافرون منهم في دار الدنيا فقال: (إني جزيتهم اليوم بما صبروا) أي: بصبرهم على أذاكم، وسخريتكم، واستهزائكم بهم. (أنهم هم الفائزون) أي: الظافرون بما أرادوا، الناجون في الآخرة. والمراد بقوله (اليوم): أيام الجزاء، لا يوم بعينه (قال) أي: قال الله تعالى للكفار يوم البعث، وهو سؤال توبيخ وتبكيت لمنكري البعث. (كم لبثتم في الأرض) أي: القبور (عدد سنين قالوا لبثنا يوما أو بعض يوم) لأنهم لم يشعروا بطول لبثهم ومكثهم، لكونهم أمواتا. وقيل: إنه سؤال لهم عن مدة حياتهم في الدنيا (قالوا لبثنا يوما أو بعض يوم) استقلوا حياتهم في الدنيا لطول لبثهم ومكثهم في النار، عن الحسن قال: ولم يكن ذلك كذبا منهم، لأنهم أخبروا بما عندهم.
وقيل. إن المراد به يوما، أو بعض يوم، من أيام الآخرة. قال ابن عباس: أنساهم الله قدر لبثهم، فيرون أنهم لم يلبثوا إلا يوما، أو بعض يوم، لعظم ما هم بصدده من العذاب (فسئل العادين) يعني الملائكة لأنهم يحصون أعمال العباد، عن مجاهد.
وقيل: يعني الحساب، لأنهم يعدون الشهور، والسنين، عن قتادة.
(قال) الله تعالى: (إن لبثتم) أي: ما مكثتم (إلا قليلا) لأن مكثهم في الدنيا، أو في القبور، وإن طال، فإنه متناه قليل بالإضافة إلى طول مكثهم في عذاب جهنم (لو أنكم كنتم تعلمون) صحة ما أخبرناكم به. وقيل: معناه لو كنتم تعلمون قصر أعماركم في الدنيا، وطول مكثكم في الآخرة في العذاب، لما اشتغلتم بالكفر والمعاصي، وآثرتم الفاني على الباقي.
ثم قال سبحانه لهم (أفحسبتم) معاشر الجاحدين للبعث والنشور، الظانين دوام الدنيا (أنما خلقناكم عبثا) أي: لعبا وباطلا، لا لغرض وحكمة. ومثله:
(أيحسب الانسان أن يترك سدى)، والمعنى: أفظننتم أنا خلقناكم لتفعلوا ما تريدون، ثم إنكم لا تحشرون، ولا تسئلون عما كنتم تعملون، هذا عبث. فإن من خلق الأشياء، لا لينتفع به نفسه أو غيره، كان عابثا، والله سبحانه غني لا يلحقه