الكهف. والاستكانة: الخضوع، وهو استفعل من الكون. والمعنى: ما طلبوا الكون على صفة الخضوع. قال الأزهري: أكانه الله يكينه أي: أخضعه حتى ذل.
ومات فلان بكينة سوء أي: بحال سوء. وقيل: إن استكان من السكينة والسكون، إلا أن الفتحة أشبعت، فنشأت منها ألف، فصار استكانوا الأصل استكنوا على افتعلوا. قال عنترة في إشباع الفتحة:
ينباع من ذفري غضوب، جسرة، * زيافة مثل الفنيق المكدم (1) يريد ينبع، فأشبع الفتحة. وقال آخر:
وأنت من الغوائل حين ترمى، * ومن ذم الرجال بمنتزاح (2) أي: بمنتزح. يقال: استكن، واستكان، وتمسكن، بمعنى.
المعنى: ثم قال سبحانه: (أم تسألهم) يا محمد على ما جئتهم به من القرآن والإيمان (خرجا) أي: أجرا ومالا يعطونك، فيورث ذلك تهمة في حالك، أو يثقل عليهم قبول قولك لأجله (فخراج ربك خير) أي: فرزق ربك في الدنيا خير منه، عن الكلبي. وقيل: فأجر ربك في الآخرة خير منه، عن الحسن. (وهو خير الرازقين) أي: أفضل من أعطى، وآجر. وفي هذا دلالة على أن في العباد من يرزق غيره بإذن الله (وإنك لتدعوهم إلى صراط مستقيم) من التوحيد، وإخلاص العبادة، والعمل بالشريعة. (وإن الذين لا يؤمنون بالآخرة) أي: لا يصدقون بالنشأة الآخرة (عن الصراط لناكبون) أي: عن الدين الحق عادلون ومائلون.
وقيل: معناه أنهم في الآخرة ناكبون عن طريق الجنة، يؤخذ بهم يمنة ويسرة إلى النار، عن الجبائي.
(ولو رحمناهم) في الآخرة (وكشفنا ما بهم من ضر) ورددناهم إلى دار التكليف (للجوا في طغيانهم يعمهون) مثل قوله: (ولو ردوا لعادوا)، عن الجبائي، وأبي مسلم. وقيل: إنه في الدنيا أي: ولو أنا رحمناهم، وكشفنا ما بهم