أنتم بنبينا حسدا، فكان هذا خصومتهم. وقيل: إن معنى اختصموا اقتتلوا يوم بدر.
(فالذين كفروا قطعت لهم ثياب من نار) قال ابن عباس: حين صاروا إلى جهنم لبسوا مقطعات النيران، وهي الثياب القصار. وقيل: يجعل لهم ثياب نحاس من نار، وهي أشد ما تكون حرا، عن سعيد بن جبير. وقيل. إن النار تحيط بهم كإحاطة الثياب التي يلبسونها بهم (يصب من فوق رؤوسهم الحميم) أي: الماء المغلي، فيذيب ما في بطونهم من الشحوم، وتساقط الجلود. وفي خبر مرفوع أنه يصب على رؤوسهم الحميم، فينفذ إلى أجوافهم، فيسلت ما فيها. (يصهر به ما في بطونهم والجلود) أي. يذاب وينضج بذلك الحميم ما فيها من الأمعاء، وتذاب به الجلود.
(ولهم مقامع من حديد) قال الليث: المقمعة شبه الجرز من الحديد، يضرب بها الرأس. وروى أبو سعيد الخدري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في قوله (ولهم مقامع من حديد): (لو وضع مقمع من حديد في الأرض، ثم اجتمع عليه الثقلان ما أقلوه من الأرض). وقال الحسن: إن النار ترميهم بلهبها حتى إذا كانوا في أعلاها، ضربوا بمقامع، فهووا فيها سبعين خريفا، فإذا انتهوا إلى أسفلها، ضربهم زفير لهبها فلا يستقرون ساعة. فذلك قوله: (كلما أرادوا أن يخرجوا منها من غم أعيدوا فيها) أي: كلما حاولوا الخروج من النار لما يلحقهم من الغم والكرب الذي يأخذ بأنفسهم حين ليس لها مخرج، ردوا إليها بالمقامع.
(وذوقوا عذاب الحريق) أي: ويقال لهم ذوقوا. والذوق: طلب إدراك الطعم. والحريق: الاسم من الاحتراق. قال الزجاج: هذا لأحد الخصمين. وقال في الخصم الذين هم المؤمنون (إن الله يدخل الذين آمنوا) بالله، وأقروا بوحدانيته (وعملوا الصالحات جنات تجري من تحتها الأنهار) أي: من تحت أبنيتها وأشجارها (يحلون فيها) أي: يلبسون الحلي فيها (من أساور) وهي حلي اليد (من ذهب ولؤلؤا) أي ومن لؤلؤ (ولباسهم فيها حرير) أي: ديباج. حرم الله سبحانه لبس الحرير على الرجال في الدنيا، وشوقهم إليه في الآخرة، فأخبر أن لباسهم في الجنة حرير.
(وهدوا إلى الطيب من القول) أي: أرشدوا في الجنة إلى التحيات الحسنة، يحيي بعضهم بعضا، ويحييهم الله وملائكته بها. وقيل: معناه أرشدوا إلى شهادة أن