تفسير مجمع البيان - الشيخ الطبرسي - ج ٧ - الصفحة ١٣٤
في قوله (لبئس المولى ولبئس العشير) في موضع رفع لوقوعه خبر المبتدأ. وتكون هذه اللام لليمين. فهذا ما يجب أن تحمل الآية عليه.
وأقول. إن إعرابه على الوجه الأول: أن يكون (ما لا يضره) مفعول (يدعو). و (ما لا ينفعه): معطوفا عليه. و (ذلك) مبتدأ. و (هو الضلال البعيد): خبره. و (يدعو) تكرارا للفعل الأول. وعلى الوجه الثاني: يكون (يدعو) حالا من معنى الإشارة في (ذلك). وعلى الوجه الثالث: يكون (ذلك) اسما موصولا بمعنى الذي، والجملة صلته، والموصول والصلة في موضع نصب بأنه المفعول ليدعو. واللام في (لمن ضره) لام الابتداء. والموصول والصلة في موضع رفع بالابتداء. و (لبئس المولى): جواب القسم. والقسم والمقسم في موضع رفع بأنه خبر المبتدأ. والعائد إلى المبتدأ هو الضمير المحذوف من الجملة، لأن التقدير: لبئس المولى هو، ولبئس العشير هو.
قال الزجاج: وفيه وجه آخر، وهو أن يكون (يدعو) في معنى يقول، ويكون (من) في موضع رفع، وخبره محذوف. ويكون المعنى لمن ضره أقرب من نفعه هو مولاي، ومثله قول عنترة:
يدعون عنتر، والرماح كأنها * أشطان بئر في لبان الأدهم (1) أي: يقولون: يا عنتر! ويجوز أن يكون (يدعو) في معنى يسمى، كما قال ابن أحمر:
أهوى لها مشقصا حشرا فشبرقها، * وكنت أدعو قذاها الإثمد الفرد (2) وأقول: إنما قال خبر المبتدأ هنا محذوف، لأن من يعبد الصنم لا يقول لمن ضره أقرب من نفعه لبئس المولى، فلذلك قدر الخبر محذوفا.
النزول: قيل: نزلت هذه الآية (ومن الناس من يعبد الله على حرف) في جماعة كانوا يقدمون على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم المدينة. فكان أحدهم إذا صح جسمه،

(1) هذا بيت من المعلقة، الشطن: الحبل الذي يستقى به. واللبان: الصدر، شبه النصل الطويل بحبال البئر.
(2) وسنان حشر أي: دقيق. وشبرقها أي: مزقها. والأثمد: حجر يكتحل به. والقذى: ما يقع في العين من تبنة وغيرها.
(١٣٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 129 130 131 132 133 134 135 136 137 138 139 ... » »»
الفهرست