والمعنى: العاكف فيه والبادي سواء، ليس أحدهما بأحق به من صاحبه. وهذا يدل على أن أرض الحرم لا تملك، ولو ملكت لم يستويا فيها، وصار العاكف فيها أولى بها من البادي لحق ملكه، ولكن سبيلها سبيل المساجد التي من سبق إليها، كان أولى بها. ومن نصب (سواء) أعمل المصدر إعمال اسم الفاعل فرفع العاكف به، كما يرفع بمستوي لو قال جعلناه مستويا العاكف فيه والبادي. ووجه إعماله أن المصدر قد يقوم مقام اسم الفاعل في الصفة في نحو قولهم: رجل عدل، فيصير عدل كعادل. ويجوز في نصب (سواء) وجه آخر وهو أن تنصبه على الحال، فإذا نصبته عليها، وجعلت قوله للناس مستقرا جاز أن يكون حالا يعمل فيها معنى الفعل، وذو الحال الذكر الذي في المستقر. ويجوز أن يكون حالا من الفعل الذي هو (جعلناه) فإن جعلتها حالا من الضمير المتصل بالفعل، كان الضمير ذا الحال، والعامل في الفعل، وجواز كون للناس مستقرا على أن يكون المعنى أنه جعل للناس، ونصب لهم منسكا ومتعبدا، كما قال: (إن أول بيت وضع للناس). وأما قوله (رجالا) فهو جمع راجل، مثل طالب وطلاب، وكاتب وكتاب. وأما (رجالا) بتخفيف الجيم، فهو غريب في الجمع، فهو نحو ظؤار، وعراق، ورخال، في جمع ظئر، وعرق، ورخل.
اللغة: العاكف: المقيم الملازم للمكان. والبادي: أصله من بدا يبدو: إذا ظهر، والبدو: خلاف الحضر سمي بذلك لظهوره. والبادي في الآية: الطارئ.
والمكان: ما يتمكن عليه الشئ، قيل: هو اسم لما أحاط بالشئ. والمكان والموضع والمستقر نظائر. والرجال: جمع راجل مثل صحاب وقيام، في جمع صاحب وقائم. والضامر: المهزول أضمره السير. والعميق: البعيد. قال الراجز:
(يقطعن بعد النازح العميق). والبائس: الذي به ضر الجوع. والفقير: الذي لا شئ له. يقال: بؤس فهو بائس أي: صار ذا بؤس وهو الشدة. قال الأزهري: لا يعرف التفث في لغة العرب إلا من قول ابن عباس وأهل التفسير. وقال النضر بن شميل: هو إذهاب الشعث.
الاعراب: خبر (إن الذين كفروا) محذوف يدل عليه (ومن يرد فيه بإلحاد بظلم نذقه من عذاب أليم) فالمعنى: إن الذين كفروا نذيقهم العذاب الأليم (ومن يرد فيه بإلحاد): الباء فيه زائدة تقديره. ومن يرد فيه إلحادا. والباء في قوله (بظلم):