تفسير الإمام العسكري (ع) - المنسوب إلى الإمام العسكري (ع) - الصفحة ٦١٤
منها " فلا إثم (1) عليه " (2).
١) الاثم هو الأثر الحاصل من الذنب الذي يكسبه الاثم على نفسه، كما قال تعالى " ومن يكسب اثما فإنما يكسبه على نفسه " النساء ١١١.
فارتكاب الحرام يورث رينا على القلب فيبطئ عن الخيرات، والتوبة تزيله وتطهره.
ويأتي في الهامش رقم (٢) أن في قوله " لا اثم عليه " اطلاقا بمعنى أنه قد يراد في مورد نفى الحرج، وأخرى نفى الذنب، وأخرى يراد كلاهما.
٢) قوله " لا اثم عليه " - اطلاقا - برفع الحرج المتوقع، أو يرفع الذنوب السالفة وغفرانها أو بجامعهما معا.
فإنه قد يراد منه في قوله تعالى: " فمن اضطر.. فلا اثم عليه " رفع الحرج الذي كان في أكل الميتة من المضطر.
وقد يراد نفى ما اكتسب اثما ورينا على نفسه في قوله تعالى: " من يكسب اثما فإنما يكسب على نفسه " وذلك بمغفرته لناسك الحج تماما، سواء توفى أو نفر في اليوم الثالث، فصار مغفورا له كن كان طاهرا؟؟ يوم ولد أو معتصما بالله لم يكسب على نفسه اثما، وهذا نظير ما قال يوسف لاخوته " لا تثريب عليكم اليوم يغفر الله لكم ".
وقد يراد بهما جميعا كما في قوله تعالى " فمن تعجل في يومين " أي لا في تمام اليوم الثاني " فلا اثم عليه " فان الجامع أنه لا اثم عليه، أي شئ كان وبأي شئ رفع.
وليس هذا من باب استعمال اللفظ في أكثر من واحد بل في الواحد الكلى المنطبق على مختلف الموارد.
وعلى هذا ترى في قوله " من أتى؟؟ النساء في احرامه لم يكن له أن ينفر في النفر الأول " وقوله " إذا أصاب المحرم الصيد فليس له أن ينفر في النفر الأول " وقوله: من نفر في النفر الأول فليس له أن يصيب الصيد حتى ينفر الثاني وهو قول الله " فمن تعجل في يومين فلا اثم عليه لمن اتقى " قال: اتقى الصيد " جامع الأحاديث ١٢ / ١٩٨ - ٢٠٥.
وترى أيضا في باب فضل الحج والعمرة. قال: لا اثم عليه تعجل أن تأخر: غفر له ذنبه فيما تقدم " وما تأخر " جامع الأحاديث ج ١٠ / ١٤٩ - ١٩٥ وهذا لا ينافي اختلاف أصنافهم الثلاثة ودرجاتهم، فمنهم لا اثم عليه فيما سلف من ذنبه ومنهم من لا اثم عليه فيما تقدم وتأخر إلى السنة القادمة وأفضلهم الثالث وهو المغفور له ما تقدم من ذنبه وما تأخر إلى ما بقي من عمره.
فإنه بتمام حجه غفر له ما تقدم من ذنبه الذي كسبه على نفسه وران على قلبه، وإذا اتقى لما تأخر فلا يأثم إلى ما بقي من عمره، فهذا معنى " لا اثم عليه " اطلاقا.
وبهذا أشار في هذا التفسير بقوله " لمن اتقى من أن يوقع الموبقات بعدها " تفسير لقوله " لا اثم عليه لمن اتقى " بنفي الحرج والذنوب مع خصوص من يريد النفر متعجلا وقد اتقى، وثبوت الحرج لمن اتقى ولكن أراد أن يتعجل وقت الغروب بعد تمام اليوم الثاني أو لمن لم يتق فهو ينفر حيت يصبح في اليوم الثالث، فيرمى ثم ينفر متى شاء، وإن كان في اليوم الثالث.
والذي يدل على ما قلنا من الاطلاق لقوله " لا اثم عليه " ما ورد في الفقيه ٢ / 482:
" سئل الصادق عن قول الله عز وجل " فمن تعجل فلا اثم عليه ومن تأخر فلا اثم عليه لمن اتقى " قال: ليس هو على أن ذلك واسع: ان شاء صنع وان شاء صنع ذا، ولكنه يرجع مغفورا له لا اثم عليه ولا ذنب له " بيان ذلك: أنه لا يريد نفى ما يثبته الكتاب من نفى الحرج في التعجيل والتأخير، بل يريد نفى انحصار الدلالة على المعنى الأول بل اثباته مع نفى الاثم عليهما.
وفي بعض النسخ (ليبين) أي ليعلم أنه مع التقديم والتأخر مغفور له، وقرأها الفاضل التفرشي " لينبنن " أي ليخبر هو - أي الحاج - بتلك البشارة، وفي بعض النسخ " ليبشر " من التبشير، وفى بعضها " ليبين " من التبيين والمعنى واحد.