تفسير الإمام العسكري (ع) - المنسوب إلى الإمام العسكري (ع) - الصفحة ٦١٦
" فلا إثم عليه " [أي لا إثم عليه] من ذنوبه السالفة، لأنها قد غفرت له كلها بحجته هذه المقارنة لندمه عليها وتوقيه منها.
" لمن اتقى " (1) أن يواقع الموبقات بعدها، فإنه إن واقعها كان عليه إثمها،
1) قال: " لمن اتقى " ولم يقل " ان اتقى " وذلك بمعنى أن هذا الفضل والثواب " نفى الاثم - اطلاقيا - عليه) مختص بمن حج واتقى، سواء تعجل أو تأخر، لا مشروط به، وإن كان يرجع إليه لتحصيل النفع.
وهذا واضح، ويجوز تقدير لفظ " ذلك " فيه، نظير ما قال تعالى في آيات:
" ذلك لمن لم يكن أهله حاضري المسجد الحرام " البقرة 198 " ذلك لمن خشي العنت " النساء: 25.
" ذلك لمن خاف مقامي " إبراهيم: 14.
وفيه أمران: الأول: أنه أطلق وقت الاتقاء، ولم يقل اتقى الصيد في احرامه قبلا.
ولم يقل اتقى الصيد من اليوم الثاني إلى اليوم الثالث أي بعدا. ولا أن يواقع الموبقات مستقبلا. فعلى ذلك هو قابل للانطباق بمعناه العالم عليها في مختلف الروايات فلاحظ.
الثاني: أنه أطلق ما يتقى منه، ولم يصرح بشئ من ما ذكره في كتابه كثيرا، ولا بما ذكر في الرويات تارة: الله، الصيد، النساء، الرفت، الفسوق، الجدال، ما حرم الله في الاحرام، الكبائر، وفى بعضها " أن يكون مبرءا من الكبر وهو أن يجهل الحق ويطعن على أهله " وفى هذا التفسير قال: اتقى أن يواقع الموبقات بعدها " وفى بعض أن يتقى الصيد إلى أن ينفر الناس من منى - أي في النفر الثاني - راجع جامع الأحاديث 12 / وفى بعضها قال " هن لكم والناس سواد، وأنتم الحاج " بمعنى أنها خاصة للمتقين أهل الولاية، وفيه إشارة إلى قوله تعالى إنما يتقبل الله من المتقين " والى أحاديث دعائم الاسلام خمسة خامسها: الولاية، وبها يشترط قبول الاعمال.
وأما توجيه من تعجل على أهل البادية ومن تأخر على أهل الحضر فلا شاهد له.
ثم أنه قد مر عليك: 613 في ذيل قوله " لا اثم عليه لمن اتقى " بيانا للاطلاق بنفي الاثم عليه سواء كان من الذنوب السالفة أو الحرج المتوقع بالتعجيل.
فراجع يكون نافعا في بيان الاطلاق هناك في الامرين.