إدريس في نباهته ومهابته، وإلى نوح في شكره لربه وعبادته، وإلى إبراهيم في خلته ووفائه، وإلى موسى في بغض كل عدو لله ومنابذته، وإلى عيسى في حب كل مؤمن وحسن معاشرته، فلينظر إلى علي بن أبي طالب هذا. (1) فأما المؤمنون فازدادوا بذلك إيمانا، وأما المنافقون فازداد نفاقهم.
فقال الاعرابي: يا محمد هكذا (2) مدحك لابن عمك. إن شرفه شرفك، وعزه عزك، ولست أقبل من هذا شيئا إلا بشهادة من لا تحتمل شهادته بطلانا ولا فسادا بشهادة هذا الضب!.
فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: يا أخا العرب فأخرجه، من جرابك لتستشهده، فيشهد لي بالنبوة، ولأخي هذا بالفضيلة.
فقال الاعرابي: لقد تعبت في اصطياده، وأنا خائف أن يطفر (3) ويهرب.
فقال رسول الله: لا تخف فإنه لا يطفر [ولا يهرب] بل يقف، ويشهد لنا بتصديقنا وتفضيلنا، فقال الاعرابي: [إني] أخاف أن يطفر.
فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: فان طفر فقد كفاك به تكذيبا لنا، واحتجاجا علينا، ولن يطفر، ولكنه سيشهد لنا بشهادة الحق، فإذا فعل ذلك فخل سبيله، فان محمدا يعوضك عنه ما هو خير لك منه.
فأخرجه الاعرابي من الجراب، ووضعه على الأرض، فوقف واستقبل رسول