إليها فإنه لا يردك عن طلبتك، ولا يخيبك عن بغيتك.
فلما استتم دعاءه صعد جبرئيل عليه السلام ثم عاد (١) من ساعته فقال: اقرأ يا محمد:
﴿قد نرى تقلب وجهك في السماء فلنولينك قبلة ترضاها فول وجهك شطر المسجد الحرام وحيث ما كنتم فولوا وجوهكم شطره﴾ (٢) الآيات.
فقالت اليهود عند ذلك: (ما ولاهم عن قلبتهم التي كانوا عليها؟) فأجابهم الله أحسن جواب فقال: (قل لله المشرق والمغرب) وهو يملكهما وتكليفه التحول إلى جانب كتحويله لكم إلى جانب آخر ﴿يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم﴾ (3) وهو مصلحتهم (4)، وتؤديهم طاعتهم إلى جنات النعيم.
[قال أبو محمد عليه السلام:] (5) وجاء قوم من اليهود إلى رسول الله صلى الله عليه وآله فقالوا:
يا محمد هذه القبلة بيت المقدس قد صليت إليها أربع عشرة سنة ثم تركتها الآن أفحقا كان ما كنت عليه؟ فقد تركته إلى باطل، فان ما يخالف الحق فهو باطل. أو باطلا كان ذلك؟ فقد كنت عليه طول هذه المدة، فما يؤمننا أن تكون [إلى] الآن على باطل؟
فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: بل ذلك كان حقا، وهذا حق، يقول الله:
(قل لله المشرق والمغرب يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم) إذا عرف صلاحكم يا أيها العباد في استقبال المشرق أمركم به، وإذا عرف صلاحكم في استقبال المغرب أمركم به، وإن عرف صلاحكم في غيرهما أمركم به فلا تنكروا تدبير الله تعالى في عباده وقصده إلى مصالحكم (6).
ثم قال لهم رسول الله صلى الله عليه وآله: لقد تركتم العمل يوم السبت، ثم عملتم بعده من سائر الأيام، ثم تركتموه في السبت، ثم عملتم بعده، أفتركتم الحق إلى الباطل