الله صلى الله عليه وآله، ومرغ خديه في التراب ثم رفع رأسه، وأنطقه الله تعالى فقال:
أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله وصفيه و (1) سيد المرسلين، وأفضل الخلق أجمعين، وخاتم النبيين، وقائد الغر المحجلين.
وأشهد أن أخاك هذا علي بن أبي طالب على الوصف الذي وصفته، وبالفضل الذي ذكرته، وأن أولياءه في الجنان يكرمون، وأن أعداه في النار يهانون (2).
فقال الاعرابي وهو يبكى: يا رسول الله وأنا أشهد بما شهد به هذا الضب، فقد رأيت وشاهدت وسمعت ما ليس لي عنه معدل ولا محيص.
ثم أقبل الاعرابي إلى اليهود فقال: ويلكم أي آية بعد هذه تريدون؟ ومعجزة بعد هذه تقترحون؟ ليس إلا أن تؤمنوا أو تهلكوا أجمعين.
فآمن أولئك اليهود كلهم وقالوا: عظمت بركة ضبك علينا يا أخا العرب.
ثم قال رسول الله صلى الله عليه وآله: خل الضب على أن يعوضك الله عز وجل [عنه ما هو خير] منه، فإنه ضب مؤمن بالله وبرسوله وبأخي رسوله شاهد بالحق، ما ينبغي أن يكون مصيدا ولا أسيرا، ولكنه يكون مخلى سربه (3) [تكون له مزية] على سائر الضباب بما فضله الله أميرا. فناداه الضب: يا رسول الله فخلني وولني تعويضه لا عوضه.
فقال الاعرابي: وما عساك تعوضني؟ قال: تذهب إلى الجحر الذي أخذتني منه ففيه عشرة آلاف دينار خسروانية، وثلاثمائة ألف درهم، فخذها.
قال الاعرابي: كيف أصنع؟ قد سمع هذا - من هذا الضب - جماعات الحاضرين هاهنا، وأنا متعب، فلن آمن ممن (4) هو مستريح يذهب إلى هناك فيأخذه.
فقال الضب: يا أخا العرب إن الله تعالى قد جعله لك عوضا مني، فما كان ليترك