استحققتم ثوابه. وأنزل الله: ﴿ولله المشرق والمغرب فأينما تولوا فثم وجه الله﴾ (١).
أي إذا توجهتم بأمره، فثم الوجه الذي تقصدون منه الله وتأملون ثوابه.
ثم قال رسول الله صلى الله عليه وآله: يا عباد الله أنتم كالمريض (٢) والله رب العالمين كالطبيب فصلاح المريض فيما يعلمه الطبيب ويدبره به، لا فيما يشتهيه المريض ويقترحه ألا فسلموا لله أمره تكونوا (٣) من الفائزين.
فقيل: يا بن رسول الله صلى الله عليه وآله، فلم أمر بالقبلة الأولى؟ فقال: لما قال الله عز وجل:
﴿وما جعلنا القبلة التي كنت عليها - وهي بيت المقدس - إلا لنعلم من يتبع الرسول ممن ينقلب على عقبيه﴾ (4) إلا لنعلم ذلك [منه] موجودا (5) بعد أن علمناه سيوجد.
وذلك أن هوى أهل مكة كان في الكعبة، فأراد الله أن يبين متبع محمد من مخالفه باتباع القبلة التي كرهها، ومحمد يأمر بها، ولما كان هوى أهل المدينة في بيت المقدس، أمرهم بمخالفتها والتوجه إلى الكعبة ليتبين من يوافق محمدا فيما يكرهه، فهو مصدقه وموافقه.
ثم قال: (وإن كانت لكبيرة إلا على الذين هدى الله) أي كان التوجه إلى بيت المقدس في ذلك الوقت كبيرة (6) إلا على من يهدي الله، فعرف أن الله يتعبد بخلاف ما يريده المرء ليبتلي طاعته في مخالفة (7) هواه. (8)