عنه في هذه الليلة، ليلقاه - في هذا القمر - عيون أصحابنا في الطريق، وهذه الدنيا بيضاء لا أحد فيها، ولو كان في ظل قصرنا هذا إنسي لنفرت منه الوحوش.
فينزل ليصطاد الغزلان والأوعال [فتهرب] (1) من بين يديه ويتبعها، فتحيطان به وأصحابكما، فتأخذانه. فكان كما قال رسول الله صلى الله عليه وآله فأخذوه، فقال: لي إليكم حاجة.
قالوا: وما هي؟ فانا نقضيها إلا أن تسألنا أن نخليك.
فقال: تنزعون عني ثوبي هذا، وسيفي [هذا] ومنطقتي وتحملونها إليه، وتحملونني إليه في قميصي لئلا يراني في هذا الزي، بل يراني في زي التواضع فلعله يرحمني.
ففعلوا ذلك، فجعل المسلمون والاعراب يلبسون ذلك الثوب - وهو في القمر - فيقولون: هذا من حلل الجنة، وهذا من حلي الجنة يا رسول الله؟
قال: لا، ولكنه ثوب أكيدر وسيفه ومنطقته، ولمنديل ابن عمتي الزبير وسماك في الجنة أفضل من هذا إن (2) استقاما على ما أمضيا من عهدي إلى أن يلقياني (3) عند حوضي في المحشر.
قالوا: وذلك أفضل من هذا؟ قال صلى الله عليه وآله: بل خيط من منديل مائدتهما في الجنة أفضل من ملء الأرض إلى السماء مثل هذا الذهب.
فلما اتي به رسول الله صلى الله عليه وآله قال له: يا محمد أقلني وخلني على أن أدفع عنك من ورائي من أعدائك. فقال له رسول الله صلى الله عليه وآله: فإن لم تف بذلك؟
قال: يا محمد إن لم أف بذلك، فان كنت رسول الله فسيظفرك بي من منع ظلال أصحابك أن تقع على الأرض حتى أخذوني، ومن ساق الغزلان إلى بابي حتى استخرجني من قصري وأوقعني في أيدي أصحابك، وإن كنت غير نبي فان دولتك