الأراجيف والأكاذيب، وجعلوا يتخللون أصحاب محمد صلى الله عليه وآله، ويقولون:
إن " أكيدر (1) " قد أعد [لكم] من الرجال كذا، ومن الكراع (2) كذا، ومن المال كذا وقد نادى - فيما يليه من ولايته - ألا قد أبحتكم النهب والغارة في المدينة. ثم يوسوسون إلى ضعفاء المسلمين يقولون لهم: وأين يقع أصحاب محمد من أصحاب أكيدر؟
يوشك أن يقصد المدينة، فيقتل رجالها، ويسبي ذراريها ونساءها. حتى آذى ذلك قلوب المؤمنين، فشكوا إلى رسول الله صلى الله عليه وآله ما هم عليه من الجزع (3).
ثم إن المنافقين اتفقوا وبايعوا لأبي عامر الراهب الذي سماه رسول الله صلى الله عليه وآله " الفاسق "، وجعلوه أميرا عليهم، وبخعوا (4) له بالطاعة، فقال لهم: الرأي أن أغيب عن المدينة، لئلا اتهم، إلى أن يتم تدبيركم. وكاتبوا أكيدر في دومة الجندل ليقصد المدينة ليكونوا هم عليه، وهو يقصدهم فيصطلموه.
فأوحى الله تعالى إلى محمد صلى الله عليه وآله وعرفه ما أجمعوا عليه من أمره (5)، وأمره بالمسير إلى تبوك. وكان رسول الله صلى الله عليه وآله كلما (6) أراد غزوا ورى بغيره، إلا غزاة تبوك، فإنه أظهر ما كان يريده، وأمرهم أن يتزودوا لها، وهي الغزاة التي افتضح فيها المنافقون، وذمهم الله في تثبيطهم (7) عنها، وأظهر رسول الله صلى الله عليه وآله