مصلاك، فلم يعرفهم رسول الله صلى الله عليه وآله ما عرفه الله تعالى من أمرهم ونفاقهم.
فقال صلى الله عليه وآله: ائتوني بحماري، فاتي باليعفور فركبه يريد نحو مسجدهم، فكلما بعثه - هو وأصحابه - لم ينبعث ولم يمش، وإذا صرف رأسه عنه إلى غيره سار أحسن سير وأطيبه، قالوا: لعل هذا الحمار قد رأى في هذا الطريق شيئا كرهه ولذلك لا ينبعث بحوه.
فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: ائتوني بفرس. فاتي بفرس فركبه، فكلما بعثه نحو مسجدهم لم ينبعث، وكلما حركوه نحوه لم يتحرك حتى إذا ولوا (1) رأسه إلى غيره سار أحسن سير، فقالوا: ولعل هذا الفرس قد كره شيئا في هذا الطريق.
فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: تعالوا نمشي إليه فلما تعاطى هو صلى الله عليه وآله ومن معه المشي نحو المسجد جفوا (2) في مواضعهم ولم يقدروا على الحركة، وإذا هموا بغيره من المواضع خفت حركاتهم وخفت (3) أبدانهم، ونشطت قلوبهم.
فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: إن هذا أمر قد كرهه الله، فليس يريده الآن، وأنا على جناح سفر، فأمهلوا حتى أرجع - إن شاء الله - ثم أنظر في هذا نظرا يرضاه الله تعالى. وجد في العزم على الخروج إلى تبوك، وعزم المنافقون على اصطلام مخلفيهم إذا خرجوا.