إلحادهم لما سمعوا من رسول الله صلى الله عليه وآله فضائل علي بن أبي طالب عليه السلام، وشاهدوا منه ومن علي عليه السلام المعجزات التي أظهرها الله تعالى لهم على أيديهما (1)، أفضى بعض اليهود والنصاب إلى بعض وقالوا:
ما محمد إلا طالب دنيا بحيل ومخاريق وسحر ونيرنجات تعلمها، وعلم عليا عليه السلام بعضها، فهو يريد أن يتملك علينا في حياته، ويعقد (2) الملك لعلي بعده، وليس ما يقوله عن الله تعالى بشئ، إنما هو قوله فيعقد علينا وعلى ضعفاء عباد الله بالسحر والنيرنجات التي يستعملها، وأوفر الناس كان حظا من هذا السحر " سليمان بن داود " الذي ملك بسحره الدنيا كلها من (3) الجن والإنس والشياطين، ونحن إذا تعلمنا بعض ما كان تعلمه (4) سليمان، تمكنا من إظهار مثل ما يظهره محمد وعلي، وادعينا لأنفسنا ما يجعله محمد لعلي، وقد استغنينا عن الانقياد لعلي.
فحينئذ ذم الله تعالى الجميع من اليهود والنواصب فقال الله عز وجل:
(نبذوا كتاب الله) الآمر بولاية محمد وعلي (وراء ظهورهم) فلم يعملوا به (واتبعوا ما تتلوا) كفرة (الشياطين) من السحر والنيرنجات (على ملك سليمان) الذين يزعمون أن سليمان به ملك ونحن أيضا به نظهر العجائب حتى ينقاد لنا الناس ونستغني عن الانقياد لعلي عليه السلام.
قالوا: وكان سليمان كافرا ساحرا ماهرا، بسحره ملك ما ملك، وقدر على ما قدر فرد الله تعالى عليهم فقال: (وما كفر سليمان) ولا استعمل السحر كما قال هؤلاء الكافرون (ولكن الشياطين كفروا يعلمون الناس السحر) أي بتعليمهم الناس السحر الذي نسبوه إلى سليمان كفروا، ثم قال:
(وما أنزل على الملكين ببابل هاروت وماروت) قال: كفر الشياطين بتعليمهم