إليهم حتى أتى الجراد على أعيانهم (1) فلم تبق منهم شيئا. (2) 284 - وأما القمل فان رسول الله صلى الله عليه وآله لما ظهر بالمدينة أمره، وعلا بها شأنه حدث يوما (3) أصحابه عن امتحان الله عز وجل للأنبياء عليهم السلام وعن صبرهم على الأذى في طاعة الله، فقال في حديثه:
إن بين الركن والمقام قبور سبعين نبيا ما ماتوا إلا بضر الجوع والقمل. فسمع ذلك بعض المنافقين من اليهود، وبعض مردة كفار قريش فتآمروا (4) بينهم [وتوافقوا:] ليلحقن محمدا بهم، فليقتلنه بسيوفهم حتى لا يكذب. فتآمروا بينهم - وهم مائتان - على الإحاطة به يوم يجدونه من المدينة [خاليا] خارجا.
فخرج رسول الله صلى الله عليه وآله: يوما خاليا، فتبعه القوم، فنظر أحدهم إلى ثياب نفسه وفيها قمل، ثم جعل بدنه وظهره يحك من القمل، فأنف منه أصحابه، واستحيا فانسل عنهم، فأبصر آخر ذلك من نفسه فانسل فما زال كذلك حتى وجد ذلك كل واحد من نفسه فرجعوا.
ثم زاد ذلك عليهم حتى استولى عليهم القمل، وانطبقت حلوقهم (5) فلم يدخل فيها طعام ولا شراب، فماتوا كلهم في شهرين، منهم من مات في خمسة أيام، ومنهم من مات في عشرة أيام وأقل وأكثر، ولم يزد على شهرين حتى ماتوا بأجمعهم بذلك القمل والجوع والعطش.