من المائتين على عين ولا أثر، ومنع الله الكافرة مما أرادت.
فهذا أعظم من الطوفان آية لمحمد صلى الله عليه وآله. (1) 283 - وأما الجراد المرسل على بني إسرائيل، فقد فعل الله أعظم وأعجب منه بأعداء محمد صلى الله عليه وآله، فإنه أرسل عليهم جرادا أكلهم (2) ولم يأكل جراد موسى رجال القبط، ولكنه أكل زروعهم.
وذلك أن رسول الله صلى الله عليه وآله كان في بعض أسفاره إلى الشام، وقد تبعه مائتان من يهودها في خروجه عنها وإقباله نحو مكة، يريدون قتله، مخافة أن يزيل الله دولة اليهود على يده، فراموا قتله، وكان في القافلة فلم يجسروا (3) عليه.
وكان رسول الله صلى الله عليه وآله إذا أراد حاجة أبعد واستتر بأشجار ملتفة (4) أو بخربة بعيدة فخرج ذات يوم لحاجته فأبعد وتبعوه، وأحاطوا به، وسلوا سيوفهم عليه، فأثار (5) الله تعالى من تحت رجل محمد صلى الله عليه وآله من ذلك الرمل جرادا، فاخترشتهم (6) وجعلت تأكلهم، فاشتغلوا بأنفسهم عنه.
فلما فرغ رسول الله صلى الله عليه وآله من حاجته، وهم يأكلهم الجراد، رجع صلى الله عليه وآله إلى أهل القافلة، فقالوا [له: يا محمد] ما بال الجماعة خرجوا خلفك ولم يرجع منهم أحد؟
فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: جاءوا يقتلونني فسلط الله عليهم الجراد فجاءوا، فنظروا إليهم فبعضهم قد مات، وبعضهم قد كاد يموت، والجراد يأكلهم، فما زالوا ينظرون