وقف عليه الشيخ أبو حيان (1) ما زال يلعنه حتى مات بعد أن كان يعظمه. قال:
(١) قال أبو حيان الأندلسي الحافظ في تفسير قوله تعالى (وسع كرسيه السماوات والأرض) (البقرة: ٢٥٥) وقد قرأت في كتاب لأحمد بن تيمية هذا الذي عاصرناه وهو بخطه سماه كتاب العرش (إن الله يجلس على الكرسي وقد أخلى مكانا يقعد معه فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم، تحيل عليه محمد بن عبد الحق وكان من تحيله أنه أظهر أنه داعية له حتى أخذ منه الكتاب وقرأنا ذلك فيه) كما ترى في النسخ المخطوطة من تفسير لأبي حيان وليست هذه الجملة بموجودة في تفسير البحر المطبوع، قد أخبرني مصحح طبعه بمطبعة السعادة أنه استفظعها جدا وأكبر أن ينسب مثلها إلى مسلم فحذفها عند الطبع لئلا يستغلها أعداء الدين، ورجاني أن أسجل ذلك هنا استدراكا لما كان منه ونصيحة للمسلمين.
وقد علمت العواتق في خدورهن حكاية هجر أبي حيان لابن تيمية لهذا السبب بعد أن كان تسرع في إطرائه، وإطرازه مدون في الرد الوافر لابن ناصر الدين الدمشقي وأما تقول بعض الكداهنين بأنه إنما كان هجره لوقوعه في سيبويه حيث قال: أكان سيبويه نبي النحو وقد غلط في كيت وكيت.
فرجم بالغيب أمام تصريح أبي حيان صاحب القصة، نعم هذا تهور وقلة أدب من ابن تيمية وما هي قيمة نحوه في جانب استبحار سيبويه وأبي حيان في النحو، وإن كان لكل إمام غلطات معدودة في علمه لكن وقوعه في سيبويه في جنب الوقوع في الله سبحانه ليس بشئ مذكور فحمل هجره الدائم على خلاف ما ذكره الهاجر ليس شأن من يخاف الله، ويتوخى مراضيه. بل ذلك شأن المخدوعين المفتونين.