وله في ثلب الكرام طريق غريبة ماكرة، تجد ذلك في كيديه للانتصار للأئمة الأربعة وإن حفل نصفه الأول بالثناء عليهم فقد انسرب مكره بهم ش النصف الثاني تمهيدا لجرأة العامة عليهم وكذلك كان صنيعه مع إمامي أهل السنة أبي الحسن الأشعري وأبي منصور الماتريدي.
ولا عليك فإن جاءك خلاف بين الأشاعرة والحنابلة فلا تشك أنه هو وأتباعه فقط. ولم يسلم من لسانه إمام من أئمة أهل السنة فارجع إلى موافقة معقوله تجده قد وقع في إمام الحرمين وحجة الإسلام الغزالي ووصفهما بأنهما أشد كفرا من اليهود والنصارى!.. ولكن هل تركه علماء عصره على هذه الضلالات؟ ونبادر إلى القول بأن علماء عصره على اختلاف مذاهبهم قد تصدوا له، فهذا هو علامة عصره تقي الدين الحصني في كتابه (دفع شبه من شبه وتمر ونسب ذلك إلى الإمام أحمد) يقول: أخبرنا أبو الحسن على الدمشقي عن أبيه قال: (كنا جلوسا في مجلس ابن تيمية، فذكر ووعظ وتعرض لآيات الاستواء ثم قال: واستوى الله على عرشه كاستوائي هذا: قال: فوثب الناس عليه وثبة واحدة وأنزلوه من الكرسي، وبادروا إليه ضربا باللكم والنعال.. حتى أوصلوا إلى بعض الحكام واجتمع في ذلك المجلس العلماء فشرع يناظرهم فقالوا: ما الدليل على ما صدر منك؟ فذكر آية الاستواء فضحكوا منه، وعرفوا أنه جاهل...) وكان الإمام العلامة شيخ الإسلام في زمانه أبو الحسن علي بن إسماعيل القونوي يصرح بأنه من الجهلة بحيث لا يعقل ما يقول. ونقل عن صلاح الدين الكتبي ويعرف بالتريكي في الجزء العشرين من تاريخه ما قام به العلماء في جهاد هذا الرجل. وذكر قبل ذلك صورة المرسوم الذي أصدره السلطان الناصر محمد بن قلاوون، وذكره أيضا العلامة الكوثري بنصه ناقلا له مما رآه بنفسه من خط ابن طولون في تكملته للسيف الصقيل. ومع هذا فقد ترك بعد موته أئمة ابتداع عبوا من حياضه الأسنة وعلى رأسهم الإمام ابن رفيل الشهير بابن القيم وكان أبوه قيم المدرسة الجوزية ولذلك يقولون أحيانا: ابن قيم الجوزية، يعنون بها تلك المدرسة - كان أتبع لشيخه ابن تيمية من ظله، وقد أفنى عمره في خدمة بدع أستاذه بفنون من التلبيس، فيؤلف في السيرة النبوية، وفي الفوائد الصوفية وفي المواعظ، ويدس في خلال ذلك من حشو شيخه وأضاليله ما استطاع ثم يعود إلى ما يعرفه العلماء، وكثيرا ما يحكي المسألة المجمع عليها بين العلماء إجماعا ظاهرا فيذكر فيها خلافا فيقول: قالت طائفة بدلك ويحتج لها ويطيل الاحتجاج. وقالت طائفة أخرى ويطول الاحتجاج بما يظنه حجة من أوهام شيخه. كما وقوع الطلاق الثلاث المجموع ثلاثا وغيرهما كثير وقلما.