وقيام الحوادث من الصوت وغيره بذاته تعالى. وأخذ يشيع أن القول بذلك هو الإسلام والإيمان والدين والتوحيد، وأن ذلك هو مذهب أحمد بن حنبل (1) وأن من خالف ذلك فهو معطل ملحد عدو للدين منابذ للإسلام والمسلمين، فأحيا بذلك بدعة الحشو بعد ما ماتت أو كادت، حتى لقد رآه ابن بطوطة - في بعض رحلاته - يخطب على المنبر، وتلا حديث النزول ثم قال: ينزل كنزولي هذه ونزل درجة، فأنكر عليه بعض الحاضرين، فهاج العامة على المنكر وضربوه ضربا شديدا. بل لقد تعصب له بعض الحنابلة أولا، حتى إذا استطار، في الناس ضرره جعلوا يوجهون إليه النصائح بالمشافهة والمكاتبة. وحسبك نصحة الحافظ الذهبي له - وهي مثبتة في ذيل تكملة السيف الصقيل الذي بين يديك - وهو شيخ الحنابلة والحديث - وكان قبل ذلك يكثر الثناء عليه بل يطريه - فيقول: (كان سيف الحجاج ولسان ابن حزم شقيقين فواخيتهما) ثم قال: إن سلم لك إيمانك بالشهادتين فأنت سعيد... الخ وستأتيك بتمامها). ونقول: لقد برع في الاحتيال لنشر آرائه المخالفة للمعقول والمنقول، وبرز في نصر بدع الكرامية، وإحياء ما اندرس من شبهم وشبه غيرهم، وترى ذلك في منهاجه الذي يرد به على الروافض وفي الحقيقة لقد خالف فيه منهاج السنة، فأثبت بأنه لا أول للحوادث وأنه لا ابتداء لها، وأن ذلك هو مذهب الصحابة والتابعين، وتراه مع ذلك.. في تناقض واضح - ينقل خلاف الصحابة والتابعين في أول مخلوق، هل هو العرش أو القلم أو الماء؟!! وفي صفحة واحدة دون خالجة من الخجل!!
(المقدمة ٦)