مشبهة مجسمة (1) فلا تسمع قولهم والعنهم واحكم بسفك دمائهم فهم أضل من اليهود
(1) يسعى الناظم بكل قواه في تهوين أمر التجسيم أسوة بشيخه، لكن القائلين بقدم الجسم طائفتان ليس بين طوائف البشر أسخف أحلاما من كلتا الطائفتين. إحداهما الطبيعيون وقد تسمى الملاحدة والزنادقة والدهرية والمعطلة وهم القائلون بنفي الصانع، وهم كما يقول المطهر المقدسي أقل الناس عددا وأفيلهم رأيا، وأشرهم حالا وأوضعهم منزلة، يقولون بقدم أعيان العالم والأجسام وتولد النبات والحيوان من الطبائع باختلاف الأزمنة والثانية المجسمة وقد تسمى الحشوية والمشبهة على اختلاف بينهم فيما يختلقونه في الله من السخافات والحماقات، تعالى الله عما يصفون، وهم يشاركون لهؤلاء في القول بجسم قديم قدما ذاتيا إلا أنهم يألهونه ويتعبدونه بخلاف هؤلاء، سواء أطلقوا لفظ الجسم عليه أم لم يطلقوا بعد أن قالوا بمعنى الجسم الشاغل للفراغ، الذاهب في الجهات، حيث خاضوا في ذات الله سبحانه بعقولهم الضئيلة التي تعجز عن اكتناه ذوات المخلوقات وإنما علمهم بالمخلوقات عبارة عما تخيلوه بشأنها من إحساسهم بأغراضها، فكيف يجترئون على تخيل الحوم حول حمى الخالق جل وعلا.
قال ابن تيمية في التأسيس في رد أساس التقديس المحفوظ في ظاهرية دمشق في ضمن المجلد رقم 25 من الكواكب الدراري - وهذا الكتاب مخبأة ووكر لكتبهم في التجسيم وقد بينت ذلك فيما علقته على المصعد الأحمد (ص 31): (فمن المعلوم أن الكتاب والسنة والإجماع لم ينطق بأن الأجسام كلها محدثة وأن الله ليس بجسم ولا قال ذلك إمام من أئمة المسلمين فليس في تركي لهذا القول خروج عن الفطرة ولا عن الشريعة ا ه).
وقال في موضع آخر منه: (قلتم ليس هو بجسم، ولا جوهر ولا متحيز ولا في جهة ولا يشار إليه بحس ولا يتميز منه شئ وعبرتم عن ذلك بأنه تعالى ليس بمنقسم ولا مركب وأنه لا حد له ولا غاية، تريدون بذلك أنه يمتنع عليه أن يكون له حد وقدر أو يكون له قدر لا يتناهى... فكيف ساغ لكم هذا النفي بلا كتاب ولا سنة ا ه). وفي ذلك عبر للمعتبر، وهل يتصور لمارق أن يكون أصرح من هذا بين قوم مسلمين؟