وأن أفعال العباد قديمة، هل تنفذ أحكامهم على أهل التوحيد وعامة المسلمين وهل تقبل شهاداتهم على المسلمين أم لا؟.
جواب الإمام شهاب الدين أبي الفتح محمد بن محمود الطوسي الشافعي (صاحب الوقائع مع ابن نجية الحنبلي) تقبل شهادة عدولهم على أصحابهم ولا تسمع شهاداتهم على أهل الحق من الموحدين ولا ينفذ حكم قاضيهم على الموحدين فإنهم أعداء الحق - والله أعلم، كتبه محمد الطوسي وجواب الإمام يوسف الأرموي ما نص عليهم أعلاه اقترفوا حوبة عظيمة يجب عليهم القفول عما اعتقدوه وهم كفار عند أكثر المتكلمين وكيف يسوغ قبول أقوالهم؟
ويجب على من إليه الأمر إحضارهم واستتابتهم عما هم عليه، فإن تابوا وإلا قتلوا، وحكمهم في الاستتابة حكم المرتد في إمهاله ثلاثة أيام ولا يقتل في الحال، كتبه يوسف الأرموي وجواب الخطيب أبي عبد الله محمد بن إبراهيم الحموي من اعتقد أن أفعال العباد قديمة فقد قال قولا يلزم منه القول بقدم العالم ومن قال بقدم العالم فهو كافر لا تصح ولايته ولا تقبل شهادته والله أعلم، كتبه محمد بن إبراهيم الحموي واستفتاء آخر صورته ما قول الفقهاء الأئمة قادة علماء هذه الأمة أدام الله إرشادهم ووفق إصدارهم وإيرادهم في الحشوية الذين على مذهب ابن مرزوق وابن الكيزاني. اللذين يعتقدان أن الله سبحانه متكلم بحرف وصوت، وأن أفعال العباد قديمة، هل تقبل شهاداتهم على أهل الحق الموحدين الأشعرية، وهل تنفذ أحكام قضاتهم على الأشعرية أم لا؟
جواب الإمام أبي المنصور ظافر بن الحسين الأزدي المالكي لا تقبل شهادة من يقول إن الله تعالى يتكلم بحرف وصوت لأنهم مرتكبون كبيرة هي أعظم من سائر المعاصي كالزنا وشرب الخمر لأنها كبيرة تتعلق بأصل من أصول الدين، وكتب ظافر بن حسين الأزدي وجواب شارح المهذب أبي إسحاق إبراهيم العراقي جوابي كذلك، كتبه إبراهيم العراقي وجواب الخطيب محمد بن إبراهيم الحموي من قال إن الله متكلم بحرف وصوت فقد قال قولا به لزم منه أن الله جسم ومن قال إنه جسم فقد قال بحدوثه ومن قال بحدوثه فقد كفر، والكافر لا تصح ولا تقبل شهادته، والله أعلم، كتبه محمد بن إبراهيم الحموي وجواب الشيخ جمال الدين بن رشيق المالكي لا تقبل شهادتهم ولا يجوز أن يولوا الحكم ولا غيره من المناصب الدينية لأنهم بين جاهل يصر على جهله بما يتعين عليه اعتقاده من صفات الله سبحانه وبين عالم معاند للحق، ومن هذه صفته يتعين تأديبه وزجره عما صار إليه بأبلغ الأدب، ومن جملته رد الشهادة وبالله التوفيق، كتب حسين بن عتيق بن رشيق وجواب الشيخ محيي الدين محمد بن أبي بكر الفارسي من قال إن الله سبحانه متكلم بالصوت والحرف فقد أثبت الجسمية وصار بقوله مجسما، والمجسم كافر، ومن قال إن أفعال العباد قديمة فقد كذب الله تعالى في قوله (والله خلقكم وما تعملون) (1) ومكذب الله بصفة الاصرار كافر ولا تثبت عدالتهم ولا تقبل شهادتهم ولا تجوزالصلاة خلفهم، ويجب على الإمام وعلى نوابه في الأقاليم استتابتهم، فإن لم يرجعوا عما هم فيه من الكفر يعاقبهم على كفرهم أو يقبل الجزية منهم أذلاء لا كاليهود والنصارى بل كفرهم أشنع وأبشع من مقالة النصارى واليهود، أما اليهود فشبهوه بالحادث صفة، وأما النصارى فقالوا إنه جوهر شريف والمجسمة يثبتون الجسم لله، تعالى الله عما يقول الظالمون علوا كبيرا، وكتب محمد الفارسي وفي تلك الفتاوى ما ينزجر به من يخاف مقام ربه من تلك البدع الشنيعة وبها يعلم أيضا أن أبا عمرو عثمان بن مرزوق الحنبلي وأبا عبد الله الكيزاني الحنبلي مشتركان في إثارة البدع المذكورة بمصر ولا مانع من أن يكون بينهما بعض اختلاف في فرع من فروع تلك البدع، ومن حاول تبرئة أحدهما منها فلا حجة عنده أصلا، وقد تكلف ابن رجب في طبقاته تبرئة ابن مرزوق عن ذلك بدون جدوى بعد أن أقر بذلك الناصح الحنبلي وابن القطيعي الحنبلي، ولو كان ابن رجب رأى تلك النصوص من فتاوى علماء عصر ابن مرزوق وابن الكيزاني المنقولة عن خطوطهم المحفوظة في خزانة الملك الظاهر بيبرس لما سعى في تبرئة ساحته من تلك البدعة الشنيعة.
ونسبة القول بتلك البدعة إلى ابن الكيزاني في مرآة الزمان لسبط ابن الجوزي لا تبرئ ابن مرزوق منها على أن ابن رجب قال بعد ذلك: ثم وجدت لأبي عمرو بن مرزوق مصنفا في أصول الدين، ورأيته يقول فيه إن الإيمان غير مخلوق، أقواله وأفعاله وإن حركات العباد مخلوقة، لكن القديم يظهر فيها كظهور الكلام في ألفاظ العباد ا ه هذا طراز آخر في التخريف يدل على أنه قائل بالحلول على مذهب السالمية، ومثله لا يمكن ترقيع كلامه. ووقعت بين الفتنتين فتنة عبد الغني المقدسي الحنبلي في الصوت ونحوه كما في ذيل الروضتين لأبي شامة فليراجع هناك، وما حدث في القرن الخامس ببغداد في عهد أبي نصر بن القشيري من فتنة الحشوية فمشهور جدا. والمحضر الذي رفعه أبو إسحاق الشيرازي والحسين بن محمد الطبري ومحمد بن أحمد الشاشي والحسين بن أحمد البغدادي وعزيزي بن عبد الملك شيذلة، وغيرهم من أئمة ذلك العصر عن تلك الفتنة بخطوطهم إلى نظام الملك، مسجل في تبيين كذب المفترى لابن عساكر (ص. 31) فيراجع هناك ليعلم مبلغ سعي الحشوية في إثارة الفتن كل قرن وذلك مما يعرق به جبين الدهر خجلا من تخريفاتهم التي يتبرأ منها العقلاء كلهم. وأما ما أحدثوه من الفتن في أوائل القرن الرابع من الدعوة إلى القول بإجلاس محمد صلى الله عليه وسلم على العرش في جنبه تعالى فمدون في كتب التاريخ. والمرسوم الذي أصدره الراضي العباسي ضد البربهاري الداعي إلى تلك البدعة مسجل في تاريخ ابن الأثير بنصه وفصه فليراجع القارئ الكريم هذا وذاك ليعلم نصيب الحشوية من العقل والدين وكلا الكتابين بمتناول الأيدي فنستغني عن نقل نصوص عنهما، وفي كل ما تقدم عبر، ويا لها من عبر، والله سبحانه هو الهادي إلى سواء السبيل.
رد حديث الأوعال (1) الآية: 96 من سورة الصافات