جوابا، فلو أراد المسلم عليه أن يتبرع برد السلام، هل يشرع له، أو يستحب؟ فيه تفصيل، فأما المشتغل بالبول ونحوه، فيكره له رد السلام، وقد قدمنا هذا في أول الكتاب، وأما الآكل ونحوه فيستحب له الجواب في الموضع الذي لا يجب، وأما المصلي فيحرم عليه أن يقول: وعليكم السلام، فإن فعل ذلك بطلت صلاته إن كان عالما بتحريمه، وإن كان جاهلا، لم تبطل على أصح الوجهين عندنا، وإن قال: عليه السلام، بلفظ الغيبة، لم تبطل صلاته لأنه دعاء ليس بخطاب، والمستحب أن يرد عليه في الصلاة بالإشارة، ولا يتلفظ بشئ، وإن رد بعد الفراغ من الصلاة باللفظ، فلا بأس.
وأما المؤذن فلا يكره له رد الجواب بلفظه المعتاد، لأن ذلك يسير لا يبطل الأذان ولا يخل به.
(باب من يسلم عليه ومن لا يسلم عليه ومن يرد عليه ومن لا يرد عليه) إعلم أن الرجل المسلم الذي ليس بمشهور بفسق ولا بدعة يسلم ويسلم عليه، فيسن له السلام ويجب الرد عليه. قال أصحابنا: والمرأة مع المرأة كالرجل مع الرجل.
وأما المرأة مع الرجل، فقال الإمام أبو سعد المتولي: إن كانت زوجته أو جاريته أو محرما من محارمه، فهي معه كالرجل مع الرجل، فيستحب لكل واحد منهما ابتداء الآخر بالسلام، ويجب على الآخر رد السلام عليه، وإن كانت أجنبية، فإن كانت جميلة يخاف الافتتان بها، لم يسلم الرجل عليها، ولو سلم، لم يجز لها رد الجواب، ولم تسلم هي عليه ابتداء، فإن سلمت، لم تستحق جوابا، فإن أجابها كره له، وإن كانت عجوزا لا يفتتن بها، جاز أن تسلم على الرجل، وعلى الرجل رد السلام عليها، وإذا كانت النساء جمعا، فيسلم عليهن الرجل، أو كان الرجال جمعا كثيرا، فسلموا على المرأة الواحدة جاز إذا لم يخف عليه ولا عليهن ولا عليها أو عليهم فتنة.
723 - روينا في سنن أبي داود والترمذي وابن ماجة وغيرها عن أسماء بنت يزيد رضي الله عنها قالت: " مر علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم في نسوة فسلم علينا " قال الترمذي:
حديث حسن. وهذا الذي ذكرته لفظ رواية أبي داود. وأما رواية الترمذي، ففيها عن أسماء " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مر في المسجد يوما وعصبة من النساء قعود، فألوى بيده بالتسليم ".