الحديث الطويل فيهم، وأن كل واحد منهم قال في صالح عمله: " اللهم إن كنت قد فعلت ذلك ابتغاء وجهك ففرج عنا ما نحن فيه، فانفرج في دعوة كل واحد شئ منها، وانفرجت كلها عقب دعوة الثالث، فخرجوا يمشون ".
قلت: أغبق بضم الهمزة وكسر الباء: أي أسقي.
وقد قال القاضي حسين من أصحابنا وغيره في صلاة الاستسقاء كلاما معناه: أنه يستحب لمن وقع في شدة أن يدعو بصالح عمله، واستدلوا بهذا الحديث، وقد يقال:
في هذا شئ لان فيه نوعا من ترك الافتقار المطلق إلى الله تعالى، ومطلوب الدعاء الافتقار، ولكن ذكر النبي (صلى الله عليه وسلم) هذا الحديث ثناء عليهم، فهو دليل على تصويبه (صلى الله عليه وسلم) فعلهم، وبالله التوفيق.
فصل: ومن أحسن ما جاء عن السلف في الدعاء، ما حكي عن الأوزاعي رحمه الله تعالى قال: خرج الناس يستسقون، فقام فيهم بلال بن سعد، فحمد الله تعالى وأثنى عليه ثم قال: يا معشر من حضر: ألستم مقرين بالإساءة؟ قالوا: بلى، فقال: اللهم إنا سمعناك تقول: (ما على المحسنين من سبيل) [التوبة: 91] وقد أقررنا بالإساءة، فهل تكون مغفرتك إلا لمثلنا؟ اللهم اغفر لنا وارحمنا واسقنا، فرفع يديه ورفعوا أيديهم فسقوا.
وفي معنى هذا أنشدوا:
أنا المذنب الخطاء والعفو واسع * ولو لم يكن ذنب لما وقع العفو (باب رفع اليدين في الدعاء ثم مسح الوجه بهما) 1207 - روينا في كتاب الترمذي عن عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه قال:
" كان رسول الله (صلى الله عليه وسلم) إذا رفع يديه في الدعاء لم يحطهما حتى يمسح بهما وجهه (1).
1208 - وروينا في سنن أبي داود عن ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي (صلى الله عليه وسلم) نحوه، وفي إسناد كل واحد ضعف. وأما قول الحافظ عبد الحق رحمه الله تعالى: إن