الأذكار النووية - يحيى بن شرف النووي - الصفحة ٢٩٠
858 - وروينا في " صحيحي البخاري ومسلم " عن عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق رضي الله عنهما في حديثه الطويل المشتمل على كرامة ظاهرة للصديق رضي الله عنه (1)، ومعناه: أن الصديق رضي الله عنه ضيف جماعة وأجلسهم في منزله وانصرف إلى رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فتأخر رجوعه، فقال عند رجوعه: أعشيتموهم؟ قالوا: لا، فأقبل على ابنه عبد الرحمن فقال: يا غنثر، فجدع (2) وسب (3).
قلت: قوله: غنثر، بغين معجمة مضمومة، ثم نون ساكنة ثم تاء مثلثة مفتوحة ومضمومة ثم نون ساكنة ثم ثاء مثلثة مفتوحة ومضمومة ثم راء، ومعناه: يا لئيم، وقوله:
فجدع، وهو بالجيم والدال المهملة، ومعناه: دعا عليه بقطع الأنف ونحوه، والله أعلم.
(باب نداء من لا يعرف اسمه) ينبغي أن ينادى بعبارة لا يتأذى بها، ولا يكون فيها كذب ولا ملق (4) ولا ملق ": كقولك:
يا أخي (5) يا فقيه، يا فقير، يا سيدي، يا هذا، يا صاحب الثوب الفلاني أو النعل الفلاني أو الفرس أو الجمل، أو السيف أو الرمح، وما أشبه هذا على حسب حال المنادى والمنادي.
859 - وقد روينا في سنن أبي داود والنسائي وابن ماجة بإسناد حسن عن بشير بن معبد المعروف بابن الخصاصية رضي الله عنه قال: " بينما أنا أماشي (6) النبي (صلى الله عليه وسلم) نظر فإذا رجل يمشي بين القبور عليه نعلان فقال: يا صاحب السبتيتين (7) ويحك ألق سبتيتيك.. " وذكر تمام الحديث.
قلت: النعال السبتية بكسر السين: التي لا شعر عليها.
860 - وروينا في كتاب ابن السني عن جارية الأنصاري الصحابي رضي الله عنه -

(١) انظر الحديث بتمامه في مسلم رقم (٢٠٥٧) في الأشربة.
(٢) أي دعا بالجدع وهو قطع الأنف.
(٣) قال المصنف رحمه الله في " شرح مسلم ": هذا الحديث فيه كرامة ظاهرة لأبي بكر الصديق رضي الله عنه، (٤) قال في " النهاية ": هو الزيادة في التودد والدعاء والتضرع فوق ما ينبغي.
(5) هذا مثال اللفظ الذي يطلب الاتيان به لخلوه عن الملق ونحوه.
(6) مضارع ماشي: أي أشي مع رسول الله (صلى الله عليه وسلم).
(7) أي: فناداه بهذا اللفظ لما لم يعرف اسمه، فيقاس به غيره من الثوب والفرس.
(٢٩٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 285 286 287 288 289 290 291 292 293 294 295 ... » »»
الفهرست