الدعوات، فإنه يوافق فيها الإمام سرا. وإن جهر الإمام بالقنوت، فإن كان المأموم يسمعه أمن على دعائه، وشاركه في الثناء في آخره، وإن كان لا يسمعه، قنت سرا، وقيل:
يؤمن، وقيل له أن يشاركه مع سماعه، والمختار الأول.
وأما غير الصبح إذا قنت فيها حيث يقول به، فإن كانت جهرية وهي المغرب والعشاء، فهي كالصبح على ما تقدم، وإن كانت ظهرا أو عصرا، فقيل: يسر فيها بالقنوت، وقيل: إنها كالصبح.
163 - والحديث الصحيح في قنوت رسول الله صلى الله عليه وسلم على الذين قتلوا القراء ببئر معونة يقتضي ظاهره الجهر بالقنوت في جميع الصلوات، ففي صحيح البخاري في باب تفسير قول الله تعالى: (ليس لك من الأمر شئ) عن أبي هريرة رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم جهر بالقنوت في قنوت النازلة.
(باب التشهد في الصلاة) إعلم أن الصلاة إن كانت ركعتين فحسب، كالصبح والنوافل، فليس فيها إلا تشهد واحد، وإن كانت ثلاث ركعات أو أربعا، ففيها تشهدان: أول، وثان. ويتصور في حق المسبوق ثلاثة تشهدات، ويتصور في حقه في صلاة المغرب أربعة تشهدات، مثل أن يدرك الإمام بعد الركوع في الثانية، فيتابعه في التشهد الأول والثاني، ولم يحصل له من الصلاة إلا ركعة، فإذا سلم الإمام قام المسبوق ليأتي بالركعتين الباقيتين عليه، فيصلي ركعة، ويتشهد عقبها لأنها ثانيته، ثم يصلي الثالثة ويتشهد عقيبها. أما إذا صلى نافلة فنوى أكثر من أربع ركعات ولو نوى مائة ركعة، فالاختيار أن يقتصر فيها على تشهدين، فيصلي ما نواه إلا ركعتين ويتشهد، ثم يأتي بالركعتين، ويتشهد التشهد الثاني ويسلم.
قال بعض من أصحابنا: لا يجوز أن يزيد على تشهدين، ولا يجوز أن يكون بين التشهد الأول والثاني أكثر من ركعتين، ويجوز أن يكون بينهما ركعة واحدة، فإن زاد على تشهدين، أو كان بينهما أكثر من ركعتين، بطلت صلاته. وقال آخرون: يجوز أن يتشهد في كل ركعة، والأصح جوازه في كل ركعتين، لا في كل ركعة، والله أعلم.
واعلم أن التشهد الأخير واجب عند الشافعي وأحمد وأكثر العلماء، وسنة عند أبي حنيفة ومالك. وأما التشهد الأول فسنة عند الشافعي ومالك وأبي حنيفة والأكثرين، وواجب عند أحمد، فلو تركه عند الشافعي صحت صلاته، ولكن يسجد للسهو سواء تركه عمدا أو سهوا، والله أعلم.