على تحصيله، ويتدبر ما يذكر، ويتعقل معناه. فالتدبر في الذكر مطلوب كما هو مطلوب في القراءة لاشتراكهما في المعنى المقصود، ولهذا كان المذهب الصحيح المختار استحباب مد الذاكر قول: لا إله إلا الله، لما فيه من التدبر، وأقوال السلف وأئمة الخلف في هذا مشهورة، والله أعلم.
فصل: ينبغي لمن كان له وظيفة من الذكر في وقت من ليل أو نهار، أو عقب صلاة أو حالة من الأحوال ففاتته أن يتداركها ويأتي بها إذا تمكن منها ولا يهملها، فإنه إذا اعتاد الملازمة عليها لم يعرضها للتفويت، وإذا تساهل في قضائها سهل عليه تضييعها في وقتها.
11 - وقد ثبت في (صحيح مسلم)، عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من نام عن حزبه أو عن شئ منه فقرأه ما بين صلاة الفجر وصلاة الظهر كتب له كأنما قرأه من الليل).
(فصل: في أحوال تعرض للذاكر يستحب له قطع الذكر بسببها ثم يعود إليه بعد زوالها):
منها إذا سلم عليه رد السلام ثم عاد إلى الذكر، وكذا إذا عطس عنده عاطس شمته ثم عاد إلى الذكر، وكذا إذا سمع الخطيب، وكذا إذا سمع المؤذن أجابه في كلمات الأذان والإقامة ثم عاد إلى الذكر، وكذا إذا رأى منكرا أزاله، أو معروفا أرشد إليه، أو مسترشدا أجابه ثم عاد إلى الذكر، كذا إذا غلبه النعاس أو نحوه. وما أشبه هذا كله.
فصل: اعلم أن الأذكار المشروعة في الصلاة وغيرها، واجبة كانت أو مستحبة، لا يحسب شئ منها ولا يعتد به حتى يتلفظ به بحيث يسمع نفسه إذا كان صحيح السمع لا عارض له.
فصل: اعلم أنه قد صنف في عمل اليوم والليلة (1) جماعة من الأئمة كتبا نفيسة، رووا فيها ما ذكروه بأسانيدهم المتصلة، وطرقوها من طرق كثيرة، ومن أحسنها (عمل اليوم والليلة) للإمام أبي عبد الرحمن النسائي، وأحسن منه وأنفس وأكثر فوائد كتاب:
(عمل اليوم والليلة) لصاحبه الإمام أبي بكر أحمد بن محمد بن إسحاق السني رضي الله عنهم. وقد سمعت أنا جميع كتاب ابن السني على شيخنا الإمام الحافظ أبي البقاء خالد بن يوسف بن سعد بن الحسن رضي الله عنه، قال: أخبرنا الإمام العلامة أبو اليمن