فصل: إذا سلم عليه إنسان ثم لقيه على قرب، يسن له أن يسلم عليه ثانيا وثالثا وأكثر، اتفق عليه صحابنا.
716 - ويدل عليه ما رويناه في " صحيحي البخاري ومسلم " عن أبي هريرة رضي الله عنه في حديث المسئ صلاته (1) " إنه جاء فصلى، ثم جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فسلم عليه، فرد عليه السلام، وقال: ارجع فصل فإنك لم تصل، فرجع فصلى، ثم جاء فسلم على النبي صلى الله عليه وسلم، حتى فعل ذلك ثلاث مرات.
717 - وروينا في " سنن أبي داود " عن أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " إذا لقي أحدكم أخاه فليسلم عليه، فإن حالت بينهما شجرة أو جدار أو حجر ثم لقيه فليسلم عليه " (2).
718 - وروينا في كتاب ابن السني عن أنس رضي الله عنه قال: " كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يتماشون، فإذا استقبلتهم شجرة أو أكمة فتفرقوا يمينا وشمالا ثم التقوا من ورائها، سلم بعضهم على بعض " (3).
فصل: إذا تلاقى رجلان، فسلم كل واحد منهما على صاحبه دفعة واحدة أو أحدهما بعد الآخر، فقال القاضي حسين وصاحبه أبو سعد المتولي: يصير كل واحد منهما مبتدئا بالسلام، فيجب على كل واحد منهما أن يرد على صاحبه. وقال الشاشي: هذا فيه نظر. فإن هذا اللفظ يصلح للجواب، فإذا كان أحدهما بعد الآخر كان جوابا، وإن كانا دفعة واحدة، لم يكن جوابا وهذا الذي قاله الشاشي هو الصواب.
فصل: إذا لقي إنسان إنسانا، فقال المبتدئ " وعليكم السلام " قال المتولي:
لا يكون ذلك سلاما، فلا يستحق جوابا، لأن هذه الصيغة لا تصلح للابتداء.
قلت: أما إذا قال: عليك، أو عليكم السلام، بغير واو، فقطع الإمام أبو الحسن الواحدي بأنه سلام يتحتم على المخاطب به الجواب، وإن كان قد قلب اللفظ المعتاد، وهذا الذي قاله الواحدي هو الظاهر. وقد جزم أيضا إمام الحرمين به، فيجب فيه الجواب لأنه يسمى سلاما، ويحتمل أن يقال: في كونه سلاما وجهان كالوجهين