وفي رواية له: " لا يقولن أحدكم: عبدي وأمتي، فكلكم عبيد، ولا يقل العبد ربي، وليقل سيدي ".
وفي رواية له: " لا يقولن أحدكم: عبدي وأمتي، كلكم عبيد الله، وكل نسائكم إماء الله، ولكن ليقل: غلامي وجاريتي، وفتاي وفتاتي ".
قلت: قال العلماء: لا يطلق الرب بالألف واللام إلا على الله تعالى خاصة، فأما مع الإضافة فيقال: رب المال، ورب الدار، وغير ذلك. ومنه قول النبي (صلى الله عليه وسلم) في الحديث الصحيح في ضالة الإبل: " دعها حتى يلقاها ربها " والحديث الصحيح " حتى يهم رب المال من يقبل صدقته " وقول عمر رضي الله عنه في " الصحيح ": رب الصريمة والغنيمة.
ونظائره في الحديث كثيرة مشهورة.
وأما استعمال حملة الشرع ذلك، فأمر مشهور معروف. قال العلماء: وإنما كره للمملوك أن يقول لمالكه: ربي، لان في لفظه مشاركة لله تعالى في الربوبية. وأما حديث " حتى يلقاها ربها " و " رب الصريمة " وما في معناهما، فإنما استعمل لأنها غير مكلفة، فهي كالدار والمال، ولا شك أنه لا كراهة في قول: رب الدار، ورب المال. وأما قول يوسف (صلى الله عليه وسلم): (اذكرني عند ربك) فعنه جوابان:
أحدهما: أنه خاطبه بما يعرفه، وجاز هذا الاستعمال للضرورة، كما قال موسى (صلى الله عليه وسلم) للسامري: (وانظر إلى إلهك) [طه: 97] أي الذي اتخذته إلها.
والجواب الثاني: أن هذا شرع من قبلنا، وشرع من قبلنا لا يكون شرعا لنا إذا ورد شرعنا بخلافه، وهذا لا خلاف فيه. وإنما اختلف أصحاب الأصول في شرع من قبلنا إذا لم يرد شرعنا بموافقته ولا مخالفته، هل يكون شرعا لنا، أم لا؟.
فصل: قال الإمام أبو جعفر النحاس في كتابه " صناعة الكتاب ": أما المولى فلا نعلم اختلافا بين العلماء أنه لا ينبغي لاحد أن يقول لاحد من المخلوقين: مولاي.
قلت: وقد تقدم في الفصل السابق جواز إطلاق مولاي، ولا مخالفة بينه وبين هذا، فإن النحاس تكلم في المولى بالألف واللام، وكذا قال النحاس: يقال سيد، لغير الفاسق، ولا يقال السيد، بالألف واللام لغير الله تعالى، والأظهر أنه لا بأس بقوله المولى والسيد بالألف واللام بشرطه السابق.
فصل: في النهي عن سب الريح: وقد تقدم الحديثان في النهي عن سبها، وبيانهما في " باب ما يقول إذا هاجت الريح ".